من يتحدث بأفواه البنادق هل يجيد لغة الحوار؟!
بشرى عبدالله
بشرى عبدالله

دعونا من الوعود والأكاذيب واللعب على أوتار المشاعر، لنتوقف قليلاً عن المشادات الكلامية ضحلة المعارف، فقد ضقت من تلك العيون الجاسوسية والأفواه الثرثارة التي تمتد لتقتل أحلامنا الثائرة، شهود الزور الذين يطلون ويتباهون أمام العالم عن مهاراتهم في صناعة دراما تغتال الحقيقة، هم بعض من يحاول عبثاً أن يكمم هتافات الحرية بأفواه البنادق، لكن هنا على الأرض من يحيك بدمه الطاهر تاريخاً جديداً ويكشف إفلاس حاكمه من أي حكم رشيد، الذي غيبت عنه عقلية الساسة لتحل مكانها العقلية العسكرية التي ومن الغرف المغلقة ترسم خطط اغتيال شعب ينتفض في الشارع، معلناً أن لا عودة عن الكفاح السلمي، لكن من سيصغي إليه غير المدرعات والأطقم العسكرية التي تعلن المدن ساحات معارك، معارك غير متكافئة الأطراف، طرف مجهز بعدته العسكرية المتكاملة وإلى جانبه القناصة والبلطجية وآخر أعزل، يزخ عليه الرصاص فيتساقطون الواحد تلو الآخر، إما بالرصاص الحي أو السموم التي لا تزال إلى الآن مجهولة الداء والدواء والمبرر كما يقال أن هؤلاء أرادوا اقتحام المقرات الحكومية.
 مفارقة عجيبة هنا في تعز يقتل شعب لأنه جاب الشوارع بمسيرات سلمية وفي مدن أخرى كأبين مثلاً تسلم المعسكرات والمقرات الحكومية ومصانع الأسلحة المكتظة بذخائرها لمن هب ودب دون مقاومة تذكر.
لقد وصل النظام إلى عجز سياسي، لم يعد قادراً على التعامل مع المستجدات على الأرض، حتى صراع الحشود قد خسره أيضاً، فلم يعد يوم الجمعة هو الفيصل لمعرفة أعداد المؤيدين لطرف من الأطراف، فمن يطالبون بإسقاط النظام يخرجون يومياً بمسيرات وبمئات الآلاف، لم يرغمهم أحد، ولم يدفع لهم أحد، خرجوا لأن الوضع قد تجاوز كل المبادرات والحوارات والتي يدعى إليها من مكان لآخر.
 سنوات من الحوار ما الذي جناه هذا الشعب، هذه الثورة لم تكن إلا نتاجاً طبيعياً لفشل كل مسميات الحوار باليمن، الحوار الذي أصبح غصة الشعب اليمني، ذاكرة من سلب الحقوق وترميم اعوجاج لا يستقيم به أمر على الواقع.
يشغل الخارج أمنهم وأمن مصالحهم ولذا فهم يبحثون عن ضمانات لما بعد سقوط النظام، أما ما يخص النظام فهم يبحثون عن خروج مشرف له وعن آلية تضمن إخراج النظام من مستنقع جرائمه دونما أن تطاله وأسرته أي ملاحقات قضائية ولا يشغلهم هذا الشعب الذي ينزف دمه الطاهر على الطرقات، يقتلون العشرات ويجرحون المئات منهم ولا ذنب لهم إلا أنهم صرخوا بوجه الفساد والظلم، فأي عدالة ننتظرها من هؤلاء؟ وأي وساطة سنطمئن لها؟.
الشعب لن ينقذه إلا من يسقط هذا النظام عنه ولهذا يجب ألا تسمى وساطة، يجب أن تسمى آلية إنقاذ النظام وإخراجه بأقل الخسائر وإما أن تسمى ضغوطاً والتي يجب أن تكون ضغوطاً تجعل الحاكم يسلم بالحقيقة ويتعامل بمسؤولية تجاه من يعد مسؤولاً عنهم قبل أن يشتعل حرب أهلية، قبل أن يسفك الدم.
 كنا نتحدث عن صراع سياسي بين النظام والشعب، لكن الآن اختلف الوضع كثيراً هنا على الأرض يا سادتي، معدتي وضحية، ويجب أن يوقف هذا المعتدي بكل وسائل الضغط الممكنة، أما الحديث عن اتفاقيات داخلية وتسويات سياسية قبل إسقاط النظام، فلن تكون إلا إجحافاً بحقوق الضحية.
ولذا من أراد أن يتحدث مع هذا الشعب، فليس أمامه إلا خيارين، فليخاطبهم مباشرة أو مع من يمثلهم ولا تضيعوا الوقت في الحديث مع طرف لا يمثل إلا جزءاً من الشارع ويتحرى ظهور الكرسي بعد سقوط النظام.
الشباب من صنعوا الثورة وهم من يجب أن تحاوروهم، وما عدا ذلك، فكل نواياكم الحسنة لن تجد صدى في الشارع، فهم صناع الثورة، وهم أصحاب القرار، هم يقتلون في الشوارع من نظام أثبت فشله في الحوار.
سقط النظام سياسياً ولم يتبق له إلا أفواه البنادق يحكم بها شعبه، فماذا تنتظرون من رجل لا يفقه إلا لغة السلاح والبنادق؟!.
في الخميس 07 إبريل-نيسان 2011 09:15:26 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64119