الموت والموت الآخر!!
أحلام المقالح
أحلام المقالح

ليس بالأمر السهل على أي زعيم سياسي ورئيس دولة بعد عشرات السنوات من التربع على كرسي السلطة أن يتنازل عنه، لمجرد أن خرج شعبه يصرخون بصوت واحد (إرحل)، وربما هذا الشيء الأخير الذي قد يراهن عليه البعض في تشبث الرؤساء العرب بكراسيهم بأياديهم وأسنانهم.
وبالرغم من أن "زين العابدين" وأخيه "مبارك" قد رحلا، إلا أن الباقين متربعون على الكرسي، فتجد القذافي ييبد شعبه قصفاً ويجد في إبادتهم حلاً أفضل من رحيله، فهل هذا زعيم عربي كان يوماً ما مسؤولاً عن شعب بأكمله، وراعياً لمصالحهم؟، أم أن الموضوع حينما يصل إلى فكرة التنازل عن كرسي، فإنه يصنع حساسية للزعيم العربي ويجعله - يقلِب الوجه الثاني- كما نقول عامياً ويرفع الستار عن طاغية باسم زعيم عربي؟!
القذافي مازال يستخدم ورقة الموت على شعبه، رافضاً الاتجاه الآخر الذي يراه موتاً آخراً وهو أن يتنحى ويرحل بعدما أباد شعبه، ويُفضِل أن يبيد شعب على أن يُكسر قليلاً من أنفته ويحقن دماء ما تبقى من شعبه ويرحل مغلوباً على أمره، كما فعل جاره "زين العابدين" وصديقه "حسني مبارك" واللذين والآن فقط حازا على احترام شعبيهما بعدما شاهدا القذافي وصالح وأساليبهما الشنعاء المستخدمة ضد شعوبهم، فالأول يقتل والآخر يُشتت ويمزق أواصر شعبه، ثم يقتلهم بدم بارد، فإلى أين المفر يا قذافي من عدالة السماء التي لن تحجبك عنها كل الأوراق التي بحوزتك.
قريباً جداً منا في اليمن تحديداً، نجد الرئيس/ علي صالح هو الآخر مازال متشبثاً بكرسيه وبعدة أوراق على طاولته، يريد أن يفهم الجميع أنه مازال صالحاً للحكم بعد سلاسل انتهاكات، أول هذه الأوراق كانت هي أن هناك من مناهضيه من يحبه ولن يخيب ظنهم فيه!.
أوراق أخرى يستخدمها الرئيس هي الانفصال والقاعدة والحوثيين، فكم من محاولات من نظامه لبث المخاوف في أوساط الشعب من هذه الأسماء، ولكنها تُقابل بالتعجب، فهناك هدف أسمى من الإلتفات لهذه المخاوف، والشباب مجملاً لا يعيرونها أدنى خوف.
أوراق أخرى لاحت من أسفل الطاولة محاولة قطع نَفس المطالبين بالرحيل، منها انقطاعات الكهرباء بين الفينة وأخرى بحجج أن هناك أعمالاً تخريبية في مأرب أدت إلى انقطاع الكهرباء، وتارة بحجة صواعق رعدية في العاصمة والمدن الأخرى!.
وأزمة الغاز هي الأخرى التي تُرشح اليمن لأزمة أخرى وتعود بنا إلى قبل "4" عقود من الزمن، وأوراق ما زالت في طي الكتمان، كان آخرها ورقة "الاختلاط" التي كررها لفظاً في خطابه بميدان السبعين بجمعة الحوار كما سموها، فهل يُعقل أن يوجد رئيس جمهورية بهذا المستوى من التفكير، حينما يتجاهل أن كل النساء سواء اللاتي في ميدان السبعين أو بساحة الجامعة هن يمنيات عفيفات، أم أنها ورقة حرب والسلام؟!
مازال الرئيس يحاول إرغام كل من ينطق (إرحل) على تقبل أوراق الموت، ولكنها تُرد بلغات للحياة وبصمود.
الدور ما زال يتعاقب، فسوريا الشقيقة رئيسها الأسد يٌشبه صالح والقذافي – فِعلاً وقولاً- فيكرر أخطاءهم ماسكاً بيده الكرسي وبيده الأخرى لغة الموت، وهناك بوادر لتكرار الوضع في الأردن والجزائر ولا ندري أين ستنتهي أوراق الموت.
بات الأمر على القذافي وصالح أشبه ما يكون اختيار، إما الموت بعد إبادة شعب أو الموت على يد شعب، فبالتأكيد سيفضلون الثانية في حين أن الأسد ومن يليه باتوا أكثر تمسكاً بالسُلطة بعد مشاهدة ضراوة من سبقوهم في التشبث بالحُكم، وبالتأكيد سيظهرون أوراقهم الدموية محاولة لكسر النهايات المخيبة.
حكامنا المتشابهون أما آن الأوان حتى تفهمون وتستوعبون حقيقة أن الموت لأجل الحق حياة، في حين أن الموت لأجل ترسيخ الظلم موت آخر، فلترحلوا نصف أحياء وليعم السلام بلداننا بعيداً عن أوراق الموت.

في الأحد 24 إبريل-نيسان 2011 02:32:46 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64289