اليمن بين فَكيّ أحمرين
أحلام المقالح
أحلام المقالح

منذ بداية الإشتباكات المسلحة بين (الأحمَرَين) وصنعاء تشهد أياماً دخانية وضجيجاً بأصوات المدافع والإنفجارات، فأحد الأطراف إعتدى بالقذائف على الطرف الآخر – بدايةً- فكان للطرف الآخر أن يدافع عن نفسه بالقذائف أيضاً، متناسيين أن هناك بشراً بالمنتصف تنهال عليهم القذائف وتصيبهم شظاياها وهم في منازلهم دون ذنب قد اقترفوه ...
بالعودة إلى الوراء قليلاً، تحديداً إلى ما قبل بدء الهجوم بثلاثة أيام وإلى حديث الرئيس عن اندلاع حرب أهليه في اليمن سنجد أن مثل هذه التصرفات (الخرقاء) هي ذريعة لجر البلاد إلى حرب أهليه من شأنها أن تنكس رؤوس الثوّار، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فالثوّار صامدون وثورتهم سلمية وما يحدث في صنعاء هو حرب بين (أحمَرَين) ولا دخل للثورة فيه، والواضح فيه أن اليمن باتت بين فكيّ أحمرين، أحدهما متمسك بالسلطة والأخر متمسك بحق الدفاع عن نفسه وصنعاء وحدها من تشتعل على أصوات المدافع، نسأل الله الخروج لليمن بأمان من بين فكيهما. صنعاء الذي يشهد أغلبية أهلها في مناطق الإشتباكات نزوحاً سكانياً نحو مناطق أخرى في العاصمة أو خارجها هروباً من أن تطال شظايا القذائف أطفالهم وذويهم لم تكن يوماً لتخضع أو تركع لأي كائنٍ كان بل العكس فهي شامخة كجبال شمسان وما يحدث على أرضها إنما هو تصفية حسابات على حساب الشعب ومحاولة لتمويه مسار الثورة السلمية التي ما زالت صامدة بوجه النظام منذ حوالي أربعة أشهر ويزيد...
فمتى يعود للأحمرين رشدهم ويُدرك الأول أن لا صوت يعلو على صوت الشعب ولا إرادة تقوى على إرادة الشعب وأنه لا جدوى لمحاولة قطع شرايين الحياة ببث الرعب بين أوساط الناس، فهناك مضخة للحياة مازالت تضخها في شرايين نازفه ولن تضمحل ولماذا لا يلتفت قليلاً إلى من هم عالقون في بيوتهم تحت أصوات القصف ويعيشون أياماً يصومون فيها عن الماء والزاد أو ليس لهم حق في الحياة كما له الحق في أن يحيا ويدافع عن حياته بأرواح الآلاف من شعبه.
رجل كهذا يريدها حرباً ودماراً ويدمر بحجج (تافهة وفارهه).
 ومن ثم فالطرف الآخر هو السبب !! الطرف الآخر لا يستسلم للعِداء بل أن القبائل أشد ما تكون حينما يعترضون لاعتداءات فتجدهم يداً واحدة ولعل ما لاحت معالمه خلال الأيام الماضية بأن القبيلة تقف لجهة المدنية كنوع من الإلتحام الغير مسبوق ذكره في ما مضى ومع ذلك مازلنا نجد من يشكك بمساعي الثورة فلنسأل الله السلامة لنا وليمننا الحبيب ...
اليوم وبعد سقوط العديد من القتلى والجرحى بحرب (الأحمرين) ألا يجدر بأحدهما أن يتأمل في الأرقام ملياً ويكسب رهان شعبه ولا يهم إن خسر رهان خصمه فالأهم قبل المُهم أن هناك خصم وهزيمته هي الأهم ولو تدّمر شعب بأكمله؟!
مازلنا نترقب بعيون شاحبة نحو صنعاء لنرى إلى أين ستصل بها أفواه نار (الأحمرين) وفي ظل الصمت الدولي الرهيب ولغة تكميم الأفواه، لم يتبق لنا أمل إلا في صوت صادح يطلقه (أوباما) للأحمر (علي) كي يكف عن جنونه ويحترم لأول مرة ولآخر مرة إرادة شعبه ويتنحى، تماماً كما فعل مع حسني مبارك وقفز بعدها إلى بشار الأسد ليطالبه بالتنحي دون التفات لعلي صالح أو أن تعلو أصوات القبيلة لتسكت أفواه مدافع الأحمر علي لتكسب رهان القبائل، رهان جديد مازالت تُحدٌّ نحوه أنظار العالم بعد أن ثبت أن القبائل في اليمن قوة لا تجابهها قوة أخرى..
في السبت 28 مايو 2011 05:30:09 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64613