عذراً إنه زمن جيفارا لا غاندي
محمد علي محسن
محمد علي محسن

لدي الشجاعة الكافية لأن أعترف بالخطأ ولأن أتراجع عما كتبته وظننته صحيحاً، فبعد ما حدث مساء "7" يوليو الماضي فإنني أود الإعتذار لكل من قرأ مقالي السابق ( نظارة غاندي وكوفية جيفارا)، لا أقول هذا الكلام بتأثير مما ووقع لي ولسكان مدينة الضالع فحسب عشية يوم الخميس الفائت ابتهاجاً وفرحاً كما قيل بظهور صاحب الفخامة الرئيس صالح وإنما مرد اعتذاري نابع مما وقع ليلتها في صنعاء وعدن وتعز والحديدة وحيثما هنالك وجود لبقايا القوات الانكشارية الهمجية الموالية للرئيس ونظامه المتخلف والمتغطرس .
الرئيس الذي لم يجد بداً من إهانتنا والإساءة لنا بتذكيرنا بيومه الأسود - فحتى والرئيس بتلك الهيئة المرثية المزرية لم يغفل بنكء جراحنا واستفزازنا بتاريخ مؤلم، نحاول جميعاً طيه ونسيانه دون فائدة ترجى .
أصدقكم الآن أن كلاشينكوف جيفارا لا غنى عنه في هذه البلاد المستولي عليها جنرالات أمثال مهدي مقوله بعدن ومحمد حيدر بالضالع، عبدالله قيران والحاشدي في تعز وأحمد ويحيى وطارق في صنعاء، كنت قد تفاءلت كثيراً حين دعوت إلى وضع السلاح جانباً باعتباره أداة كارثية في بلد يرفل بشتى صنوف العتاد .
فيكفي القول إنه ولولا الفرقة الأولى ومعها الوحدات العسكرية المؤيدة للثورة لكان حالنا أسوأ من سوريا وليبيا، ولكم أن تتخيلوا غاندي وهو يمضي بنظارته وبدنه الهزيل نحو قوات العميد يحيى أو قيران في تعز؟؟.
ظننت أن نظارة "غاندي" أكثر واقعية لبلوغ أية غاية مرجوة، لكن الواقع المشاهد الآن يضطرني للعودة عن فكرتي المتفائلة جداً بثورة الملح وصاحبها الزعيم غاندي ، فلم تمض سوى خمسة أيام على نشر ذلكم المقال الموجه لأولئك الذين مازالوا يؤمنون بفكرة العنف الثوري الجيفاري .
نعم أعترف لكم أنني أخطأت حين قلت بأن هذا الزمن هو زمن غاندي وثورته المدنية، ربما خيل لي أن اليمن دولة اسكندنافية أو مقاطعة سويسرية، لقد غفلت حقيقة أن قوة الحق لا قيمة لها في موطن ارتبط الحق بالقوة، فهذه مواقع اللواء "35" مدرع المنتشرة فوق رؤوسنا ومنازلنا وطرقنا تلقي بحممها النارية على تلك الشاكلة المرعبة والمفزعة والمستفزة للسكينة العامة وللأطفال والنساء وللرجال وكرامتهم .
 تصوروا مجهولاً يطلق عدة رصاص من جوار محطة أو منزل أو حي فيكون الرد عنيفاً وهستيرياً وهمجياً!! فما وقع لخطوط الضغط العالي من تقطع حرم الأهالي نور الكهرباء قرابة شهر وما حدث قبلها للمحطة التحويلية من تخريب برصاص "دوشكا" أطلقه أحد المواقع، رداً كما قيل حينه على مطلق رصاص آلي إلا دليلاً وبرهاناً لمدى العبث والاستهتار .
لا أخفيكم إذا ما قلت لكم إنني ولأول مرة أفكر بحمل البندقية، فمثل هذه الأفعال المقترفة تجعلك تلعن اليوم الذي فكرت فيه بالتغيير للأوضاع القائمة سلمياً وديمقراطياً ودونما حاجة إلى استخدام السلاح باعتباره خطيئة مهلكة ومكلفة، في أحايين عدة يعتقد الواحد منا أنه بمقدوره هداية الخلق إلى جادة السلامة والطمأنينة .
أعترف اليوم أن هذا البلد تنقصه عديد من مقومات العيش الكريم المستقر الخالي من منغصات البارود، فالحياة هنا لا تساوي طلقة رصاص من بندقية عسكري طائش، لا جدوى من نظارة غاندي في وطن كهذا، الذي يضطر أهله إلى حمل السلاح دفاعا عن ثورتهم المدنية وعن كرامتهم وحقهم ووجودهم وحياتهم .
 جيفارا وكوفيته وبندقيته هنا في هذه الأرض، فلن ينفع مع هؤلاء غير منطق جيفارا الثوري فها أنذا أوافقكم الرأي فبئس ما كتبت واعتقدت وعذراً لك أيها الثائر الأرجنتيني ولكوفيتك ونجمتك وبندقيتك التي ستظل مطلوبة ما بقي ميزان العدالة مختلاً ومنتكساً وما بقي هذا السلاح ضابطاً لإيقاع الحياة والحق والوجود .
 
في السبت 09 يوليو-تموز 2011 03:10:25 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=64988