زبن الله المطري.. حين يتكلم الكبار
علي عبدالملك الشيباني
علي عبدالملك الشيباني

زبن الله المطري، شاب ثلاثيني يتميز بثقافة عالية ونظرة موضوعية للأحداث، خاصة تجاه ما يتعلق براهن المرحلة السياسية والثورية والاجتماعية.
احد شباب الثورة ويرأس المجلس التنسيقي لقوى الثورة "نصر" ينتمي للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وبحضوره وبسلامة موقفة يمثل نموذجاً جيداً لمنتسبين.. يلفت نظرك بنضج آراءه وتشخيصه للقضايا الوطنية، وبلغته السياسية الجميلة في التعبير عنها، ويغدو مدهشاً عندما تعرف أنه ينتمي لبيئة قبلية، إذ ينحدر إلى قبيلة نهم، وبحسب تأكيد الولد أيمن أبو حاتم فإن زبن الله يحظى باحترام وتاثير كبير في محيطه الاجتماعي.
عرفناه قبل 17 عاماً تقريباً، حينها كان حارساً لمقر اللجنة المركزية للتنظيم.
من غرفة الحراسة أكمل دراسته الجامعية، وفي ذات الغرفة نسج علاقته بالكتاب ومنها انطلق مثقفاً وقائداً ناصرياً.
هو ايضاً شقيق الناصري الجميل مانع المطري عضو اللجنه التنظيمية للثورة، وقد شاهدناه مراراً في استديو الجزيرة للتعليق على الاحداث في اليمن ضمن نشراتها الرئيسية.
أستطيع القول إن المطري بمثابة مجسم حقيقي متحرك لحامل المشروع الوطني والقبيلي المثقف والناصري الملتزم بقضايا آلامه.
في ليله رمضانية وبمعية المهندس/ عبدالرحمن المسني حللنا ضيوفاً على ديوان "النجاشي"، الديوان الشعبي المفتوح لابناء القريشة واديم والحضارم.
دار حديث حول ما يعتمل اليوم في الساحة اليمنية، وكان لبعض الحضور اراء سلبية تجاه المشترك والمشائخ والقبيلة عموماً.  
لم ترق مثل هذه المواقف الاخ المطري الذي استوى في جلسته قائلاً: يؤسفني أولاً أن تصدر هكذا آراء من قبل شباب ينتمون لمحافظة نعتقد أنها أكثر وعياً، وهي كذلك بالفعل، ينظر للقبلة باعتبارها معوقاً رئيسياً لنجاح المشروع الوطني في البلاد، وهذا إلى حد كبير صحيح ولكن لماذا؟.
شخصياً أرجع ذلك لسببين: الأول غياب الدولة الوطنية واتباع الحاكم خلال الـ 33 سنة الماضية لسياسة ممنهجة فيما يتعلق بالقبيلة وعلى النحو الذي يبقيها بندقاً على كتفه يستخدمها متى وكيفما يريد، وبما يخدم في النهاية بقائه في الحكم القائم على التسلط والفساد والأسرية.
وعلى هذا الاساس عمدوا إلى إتباع كل ما يبقي القبيلة على حالها..كرسوا الثارات وعمليات التقطع والفرقة وإبراز كل ما هو سيء في العرف القبلي وتغذوا عليها وسوقوها للخارج على ذلكم النحو من الهمجية والتخلف لتوكذ بذلك أنهم القادرون فقط على قيادة هذا البلد.. دعموا مشائخ القبائل بالمال والسلاح ومثلوهم في مواقع المسؤلية المتقدمه ومنحوهم من الصلاحيات ما يجعل القبيلي مجرد مردداً للزوامل ومرتبطاً بالبندق باعتباره جزءاً من شخصيته.. منحوهم قدرة التوصيف والتجنيد وإطلاق السجناء وإنجاز معاملاتهم لدى الجهات الرسمية وخدمات أخرى قد لا يحصل عليها دون تدخل الشيخ.
 كان هذا سبباً كافياً لتعزيز انتماء القبيلي بقبيلته ,كونها وفي ظل غياب الدولة هي القادرة على أخذ حقوقه وحفظ كرامته، بينما لو وجدت الدولة الوطنية سنجده كأي مواطن ينتمي لمشروعها، ثبت ذلك خلال حكم فترة الشهيد/ ابراهيم الحمدي. 
أما السبب الثاني، فنتيجة لغياب النخبة ودور الأحزاب السياسية والتي للأسف تعاملت هي الأخرى مع القبيلة كفئة اجتماعية مسلحة يمكن تجنيدها في صراعاتها المسلحة مع السلطة فقط، بعيداً عن دورها المفترض في اختراق هذه المناطق والتاسيس لوعي مغاير يمكن له أن يشكل امتداداً لأرضية وطنية تبنى عليها دولة نظام وقانون.
لذلك فإن ما يطرح الآن ما هو إلا تبرير لغياب هذا الدور، وفي النتيجة من الطبيعي أن نرى هذه المناطق، وإلى ما قبل اندلاع الثورة، وهي تناصر المشاريع الرجعية والسلطات المتخلفة دون وعي بمصالحهم الحقيقية وأين تكمن, كما أنه ليس من الانصاف أن نوجه اللوم لما يقوم به بلطجي مقابل 5000 ريال، بينما لا يستوقفنا سلوك أكاديميين ومثقفين وسياسيين وهم يقومون بما هو أسوأ في التنظير بسياسة النظام وتبرير جرائمه.
برغم هذا، فإن القبيلة اليوم تقف موقفاً جديداً وتحولاً تاريخياً لمناصرة الثورة ويتواجد أبناؤها في ساحات الحرية وميادين التغيير وهذا يجرنا إلى دور المشترك الذي شككونا في موقفه ويحملونه تأخر عملية الحسم.
في هذا الصدد،يخطئ تماماً من يظن أن اصطفاف القبيلة لجانب الثورة والمطالبة بدولة مدنية يأتي خارج دور المشترك منذ قيام الوحدة وحتى اليوم , فالمشترك هو من شكل هذا الوعي وكسر قاعدة الصراع الذي تحاول السلطة تصديره على أساس زيدي شافعي ومطلع ومنزل وتحويله إلى مساره الحقيقي بين حق وباطل، وبين مشروعين وطني وآخر عائلي.
المشترك هو من ارتقى بوعي القبائل ودفع بهم إلى التمرد على بيئتهم الضيقة، وربطهم بحلم إنساني ووطني عام،وعلى هذا الأساس نراهم يدفعون ثمن ما ترتب على هذا الموقف في أرحب ونهم والحيمة والحصبة، كما هو في تعز وأبين وعدن وغيرها من محافظات الجمهورية.
في نهم مثلاً، تعرض الناس لقصف منازلهم ومزارعهم وتوقفت مصالحهم تماماً ومنعوا حتى من الدخول إلى صنعاء عبر الطريق الرئيسي,ليس هذا فحسب، بل إن المواطنين هناك خسروا أيضاً عائدات محاصيلهم لهذا العام خاصة محصول العنب ,إما نتيجةً لقصف المزارع أو لعدم تمكنهم من سقيها وتقدر بمئات الملايين، برغم ذلك، ومن كهوف الجبال التى لجأوا إليها، ما زالوا أكثر إصراراً على مقاومة سلطة الظلم والفساد، والمضي نحو تحقيق أهداف الثورة، بينما أنتم هنا تمارسون دوراً سلبياً، وتحملون خطاباً محبطاً ومكسراً لمجاديف الناس، هل هذا دوركم كمثقفين ؟... إلى هنا والكلام للأخ المطري.

وحين يكتب الصغار

مجرد ترديد الثائر "الكامل" لشعار معاد لعلي صالح في مسيرة جماهيرية لم يرق لأحد الكتاب المعروف بوقوفه إلى جانب السلطة، كان كافياً ليقوم بنشر مقاله للنيل من الثورة والإساءة لجماهيرها، حد استعداء احمد علي بالقول: إن على احمد علي أن يصحو لهؤلاء.
الفرق بين "الكامل" وكاتبنا الكبير "بالعمر" أن الأول يتقدم المسيرات ويشارك في صناعة التحول الوطني، بينما الثاني "موسح" في مجالس أفراد الأسرة الحاكمة، إذ تكلف "بجمته ونخره" الخزينة العامه ما يزيد عن 10000 ريال يومياً، ناهيك عن تلبية حاجته اليومية الأخرى كي يتمكن من إنجاز مهمته.
كم أشفق على هذا الرجل وهو يخفق كل مرة في إيجاد المدخل المناسب للقيام بدوره، وفشله المستمر في توفير المواد الحافظة لتسويق بضاعته الخائسة.
أجزم أن من حسنات تأخر الحسم الثوري، أن منحنا فرصة مشاهدة هذه "الرمم" وهي تطفو على سطح المرحلة، كأرقى عملية فرز منصفة أنتجتها اللحظة التاريخية.
أستغرب قيام كاتب يبدأ يومه بحلق الشارب وسماع "روبي"، ويختمه بقراءة إحدى إصدارات "كونديرا"، لتأكيد الانتماء الليبرالي هنا في اليمن، وفي ذات الوقت نناصر سلطة فاسدة ومتخلفة وعائلية.          
 
في الأحد 28 أغسطس-آب 2011 06:32:59 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65439