ملهاة حزب الحاكم
محمد علي محسن
محمد علي محسن

صالح والمؤتمر، مبارك والحزب الوطني، زين العابدين والتجمع الدستوري، بشار والبشير ووو الخ، فكل هؤلاء حكموا أو مازالوا يحكمون، لا فرق لديهم بين الرئيس والحزب والدولة، الأحزاب من حيث هي وسيلة لسلطة الشعب المستمدة من نتاج تطور فكري وإنساني وديمقراطي، باتت هذه الأحزاب حيلة ملهية ومضللة للمجتمعات العربية.
الحديث اليوم عن تفويض الرئيس صالح للمؤتمر بدلاً من تفويضه للنائب عبدربه أعتبره ملهاة مهدرة للوقت والفعل، فكما هو معلوم أن المؤتمر الشعبي العام سبق له التوقيع على مبادرة الخليج وتالياًَ وعلى فرضية أن توقيع المؤتمر صار ضرورة لإنقاذ البلد من أزمته، فهل المؤتمر قادر على اتخاذ قرار من هذا القبيل؟.
أعتقد أن قضية مصيرية كهذه هي فوق قدرات ومؤهلات المؤتمر، وهيئاته القيادية والوسطية تدرك أن دورها شكلياً وهامشياً ولا يتعدى دور الكومبارس في جوقة فوضوية عبثية خيوطها جميعاً بيد الرئيس وحده.
إننا نتكلم عن مبادرة دولية سيكون بمقتضاها نهاية الرئيس ونظامه، فهل اللجنة العامة مؤهلة للعب هذا الدور؟ لا أظن بحدوث معجزة، فالمؤتمر بتكوينه النظري والتنظيمي والعقائدي فيه من الهشاشة والضعف ما يجعله غير قادر على مواجهة قضية بهذه الحساسية والأهمية، فهنا نتحدث عن رفض وممانعة من الرئيس ذاته، المطلوب من المؤتمر إقرار ما رفضه رئيسه وهذا ما لم يعتاد عليه مطلقاً.
الوحدة والحرب والانتخابات والحكومات وغيرها من المسائل الكبرى كان الرئيس هو صاحب القرار الفصل فيها، الحوارات السياسية مع المعارضة لم يخرج المؤتمر فيها عن كونه يمثل رئيس الدولة لا الحزب، ففي جميع الظروف الرئيس هو المؤتمر والدولة، والدولة والمؤتمر هما صالح.
الحقيقة أننا نعيش ملهاة اسمها المؤتمر وبطلها هو مؤلفها ومخرجها، الآن وحين شارف الكل على النهاية يرمي الرئيس بآخر ورقة بحوزته على رأس المؤتمر الذي لطالما ظل مجرد ظاهرة صوتية وعبثية رافضة لكل أشكال التحضر والتنظيم والعصرنة والمأسسة.
 لأول مرة يكون الرئيس كريماً مع تنظيمه المؤتمر، فبرغم أن المبادرة يستلزمها توقيع رئيس الدولة لا المؤتمر والبلد يستدعيه وقف العبث الحاصل من أبنائه وأقربائه لا من المؤتمر فحسب إلا أنه هذه المرة يرهن مصيره وحكمه بأعلى هيئة في المؤتمر.
يا لسخافة وبجاحة صالح! البلد وأهله يعانيان من وطأة رفضه وعنته بمغادرة الرئاسة ومع ذلك يريد مواصلة العبث معنا، الجميع منهك ومتعب نتيجة هذا الكذب والرفض والتسويف فيما هو يدهش الكل بإعادة المبادرة إلى المؤتمر، الآن فقط يتذكر أن له حزباً ويمكنه أن يكون شماعة يعلق عليها مسألة بقائه من رحيله.
المؤتمر الشعبي العام نسخة مكررة من الحزب الوطني في مصر ومن التجمع الدستوري في تونس ومن المؤتمر الشعبي في السودان ومن جبهة التحرير في الجزائر، بل ومن حزب البعث السوري ذي المرجعية القومية المستلهمة من أفكار الثنائي ميشيل عفلق وصلاح البيطار.
كيانات حزبية عربية ارتبط وجودها وصيرورتها باحتكارها للدولة ومقدراتها وسلطتها وقوتها، فمثل هذه التنظيمات الهشة والضعيفة ربما اختلفت في بنيتها وهيكلها ونظريتها وعقيدتها إلا أنها في واقع الممارسة تماثل بعضها.
فهذه المسميات تكاد واحدة في هيمنتها على الحكم وفي قمعها لإرادة الشعب، ففي جميع الأحوال لا يمكن الفصل ما بين هذه المكونات الحزبية المحتكرة للسلطة والمال والقوة والإعلام والوظيفة وبين كونها أداة سياسية تمثل الحاكم الفرد الذي لا يقبل بسواه في كرسي الرئاسة.
 
في الأحد 11 سبتمبر-أيلول 2011 02:27:59 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65575