يا أخي إرحل..
عبد الحافظ الصمدي
عبد الحافظ الصمدي

قد نظل محايدين في كتاباتنا إذا ما تمكنا من نفض العواطف قبل امتطاء صهوة القلم بلحظات، لنكون منصفين مع كل الأطراف عسانا نجنب الوطن شر المآسي، لكن سفك الدماء وهو السبب الذي هز أركان النظام في الجمعة الدامية بصنعاء وعاد السيناريو البشع بمساء دام الأحد الفائت ليزرع الأنين في كل بقاع العاصمة ويحولها إلى سيمفونية من العزاء المرير حين تعطرت زواياها برائحة دماء الشهداء والضحايا ورددنا معاً نشيد الفداء مع العويل، وحده السبب ذاته من يجعلنا ميالين ربما ويدفعنا نحو التشتت بمطلب الرحيل بلهجة قد تكون متطرفة، فمن منا يستطيع الوقوف على بقعة مليئة بالدم والمأساة دون أن يفقد اتزانه..
ثلاثون عاماً ونحن نتمرغ بالظلم والقهر والاستبداد وندفع فاتورة الرقص على رؤوس الثعابين..
ثلاثون عاماً ونحن ننشد الكرامة فتأبى أن تأتي في عهدك..
لم تبق على محافظة من محافظاتك الأبية إلا وغرست فيها خنجرك المشؤوم وتركتها مفتوحة كجرح يتلو عليك صيحات الغضب إلى يوم النصر العظيم..
ها قد زرعت الندبة في كل ربوع الوطن، في كل منطقة يتيم وشهيد وأرملة..
يا أخي إرحل.. عسانا نتذكر الجانب الأبيض من تاريخك، تاريخ الذل هذا الذي عشناه معك..
ألا يكفي ما قد فعلته فينا طيلة ثلاثة عقود من الذل والفقر والبطالة، فيها آثرت ابنك على أولادنا وجعلت من عشيرتك المقربين أسياداً ونحن لهم عبيد؟..
يا أخي إرحل.. كفى مراوغة فقد تهرى نظامك ولن تساعدنا أن نقف يوماً معك، فرائحة الدماء التي تعطر كل زاوية تغرس فينا كراهيتك..
ألا يكفي هذا لينقشع عنا نظامك الفاشل، المستبد فينا ومع هذا لازلت تصب في آذاننا وزيز نغمتك في الحوار والوطنية في وقت الاستماع لعزفك صار يثير فينا الغثيان، ما يزيدنا إصراراً على التشبث بمطلب رحيلك بعد أن كان من الممكن أن نحفظ لك كرامتك بعد السقوط، إذا ما ساعدتنا على ذلك ولم تلطخ بمزيد من الدماء الجزء الأبيض من ماضيك، لكنك لم تفعل للأسف..
مجزرة تلو أخرى تشهدها ساحات التغيير في وطننا الحبيب تتشابه في بشاعتها حد التطابق وليس لدي ما أعبر به عن تضامني واحتجاجي ضد هذه الدماء البريئة الطاهرة سوى مقال صحفي أنشره في هذه الزاوية.. فليس لدي عضوية في الحزب الحاكم حتى أستقيل منه ولا منصب في سلطة نظامك حتى أتركه وأغادر كرسيه..
عاهدنا الله أن نبني وطناً أفنيته بالدمار وأن نصنع مستقبلاً يلعن انجازات أوهمتنا بها على مدى عقود..
يا أخي إرحل.. وإذا لم يكن في البلاد رجل مثلك وعجزت اليمنيات أن يلدن شخصاً يتمتع بالوطنية ليقود بعدك البلاد، فلتتمزق اليمن إرباً إربـاً.. يا أخي إرحل.. وللوطن رب يحميه..

في الثلاثاء 20 سبتمبر-أيلول 2011 04:56:20 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=65677