ماذا بعد توقيع المبادرة في اليمن؟
مازن الدبعي
مازن الدبعي

السيناريو المقبل في اليمن: معارضة لن تستطيع تجاوز المبادرة، وسلطة تعتبر المبادرة أداة لكسب الوقت واغتيال الثورة، وشعب ثائر قابض على جمرة الجوع والصبر والخوف قد يرمي بجمرته ويشعلها ثورة أخرى وسيكون شعارها القادم 'إرحلوا جميعاً'.
كي نقرأ المشهد الثوري والسياسي للوضع يجب أن نركز كثيراً على تحليل حاضر وقادم المبادرة الخليجية التي اختزلت الثورة في مسوداتها ومحطاتها التفاوضية والعبثية غالباً.
مسلسل طويل ومؤلم بحلقاته الدموية وفصوله الدرامية المتباينة التي تنقل مستويات الشعور لديك من الحزن بقلب متفطر ودماء الشهداء ولوعة أهاليهم ماثلة أمامك إلى الحماس وأنت تشاهد تلك اللوحات البطولية والأدوار الشجاعة إلى السخط العارم وأنت ترى دماء الشهداء وكل تلك التضحيات أصبحت أوراقاً على طاولة قمار سياسية، ولكن هل نعتقد فعلاً أن نهاية هذا المسلسل ستكون بتوقيع علي صالح؟
الكثير من المحللين أشاروا إلى هذه النقطة عند طرح المبادرة مباشرة، حيث أن القليل من التأمل في سلوكيات الرجل وطريقة حله لمشاكله خلال فترة حكمه كانت كفيلة بأن يضعوا ذلك الاستنتاج، فالمحللون لا يرون في التوقيع سوى بند من بنود المبادرة! يعني أنه استطاع أن يراوغ ويكسب ستة أشهر فقط من أجل التوقيع.
ولكن ما بعد التوقيع هناك بنود كثيرة ومطاطية وتختبئ في تفاصيلها الكثير من الثغرات لكي يتم التلاعب بها وخلق مساحات جديدة للمناورة من خلالها. 
بعد هذه الأشهر الستة أصبح واضحاً أن مساحة المناورة بالنسبة لموضوع التوقيع على المبادرة أصبح ضيقاً، ولذلك فمن غير المستبعد أن يتم التوقيع قريباً، ولكننا سنبدأ بعدها بمسلسلات جديدة ومستنسخة لمسلسل التوقيع مع مساحات أكبر للمناورة وكسب الوقت في محاولة لإيصال البلد إلى مرحلة إنهاك كامل وفوضى شاملة بهدف تركيع الثورة لتقبل بواقعية أنصاف الحلول.
فإذا كان مسلسل التوقيع أخذ ستة أشهر، فالمسلسل التالي سيستقطع وقتاً كبيراً أيضاً، ولكن إذا كان المراقبون يستوعبون ماّل المبادرة والحلول السياسية مع شخص يجيد المناورة والتحذلق.
فلماذا تقبل المعارضة السير في هذا الطريق التي تبدو نهاياته معروفة سلفاً؟!
ولتجيب على هذا السؤال يجب أن تطرح سؤالاً آخر وهو: ما سر اطمئنان علي صالح ومن أين تأتي زفرات نفسه الطويل في التأجيل والمماطلة واللعب على المكشوف بدون الخوف من أي رادع؟!
هنا نستطيع أن نضع عدة أسباب:
أولها: أنه يدرك أن دولاً كالسعودية والإمارات وإن قبلت برحيله، فلن تقبل إلا برحيل دستوري يجعل من ماضيه سجلاً مشروعاً، بحيث لا يتم فتح الملفات والاتفاقيات الموقعة في عهده وهي كثيرة وأهمها ملف الحدود.
ثانياً: هو أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها قد وضعوا وأوكلوا الملف اليمني للمملكة العربية السعودية، حيث أن مصالحها هي التي ستحدد آلية الحل ولا يوجد الكثير مما يغري كي تتدخل أساطيلهم، فالقات أكيد ليس مطمعاً لأحد! 
ثالثاً: أن هذه الضمانات المنصوص عليها في المبادرة ضمنياً ستشمل كل من عملوا معه ومن هؤلاء نصف النظام الذي قفز إلى قارب الثورة بالتالي هو يعلم يقيناً أن هذه المبادرة هي طوق نجاة لهم أيضاً ولا يوجد لهم طريق غير الدوران في فلكها.
رابعاً: أن الطرف الآخر المنظم للثورة والذي استطاع أن يحتكر منابرها الإعلامية ويحرك دفتها السياسية هم أنفسهم شركاء الماضي وأصدقاء الزمن الجميل، فبالتالي هو يدرك الطريقة التي يفكرون بها وهذا سبب كاف لأن يطمئن.
إذن سيناريو بقية المسلسلات القادمة واضح إلى حد ما؛ معارضة لن تستطيع تجاوز المبادرة وسلطة تعتبر المبادرة أداة وسلاحاً لكسب الوقت واغتيال الثورة وطوق نجاة إذا لم تسعفهم مناوراتهم البائسة في أسوأ الأحوال، وبين هذا وذاك شعب ثائر قابض على جمرة الجوع والصبر والخوف قد يرمي بجمرته ويشعلها ثورة أخرى وسيكون شعارها القادم "ارحلوا جميعاً".
* نقلاً عن ميدل ايست أونلاين

في الأربعاء 02 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:32:28 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66127