النساء والرجال ومساواة المعادلة في الثورة السلمية..
عبدالهادي ناجي علي
عبدالهادي ناجي علي

المتأمل للمظاهرات والمسيرات التي تجوب شوارع المدن الرئيسية كل يوم تطالب بمحاكمة على صالح علي الدماء المسفوكة في صنعاء، وتعز، يلحظ أن المرأة اليوم لم تعد مقيدة عن القيام بدورها نحو وطنها، ومشاركتها في الثورة السلمية وصنع ملامح اليمن الجديد.
تعز.. التي تعد منبع الثورة السلمية كانت سباقة في أن تكون المرأة في مقدمة صفوفها فلم تهاب الرصاص، أو القنابل الغازية، ولم تخش القناصة، ولم ترهبها قذائف الدبابات، ولم يخوفها القتل والقصف الذي تشهده المدينة منذ اندلاع الثورة السلمية، فللنساء اليوم في ساحة الحرية بتعز تكتلات وائتلافات كما لأشقائها الثوار بل وبدون مبالغة إذا قلنا إن النساء في التكتلات والائتلافات والحركات الثورية تفوقن على أشقائهن بتقديم كثير من الأدوار والمناشط التي خدمت الثوار وقدمن الكثير للجرحى وأسر الشهداء ومازلن حتى الآن يقدمن الكثير للثورة.
الثورة السلمية بتعز شهدت سقوط شهداء وجرحى من الشباب والشيوخ والأطفال، وكذلك شهدت سقوط شهيدات وجريحات من النساء فلا أحد ينسى "عزية" التي أطلق عليها الرصاص في منزلها حينما كانت ترش الماء في الجو الحار على الثوار، ولن تنسى " عزيزة المهاجري" التي سقطت برصاص قناص في مسيرة سلمية، وستخلد تعز شهيداتها من الثائرات الحرائر ومنهن " تفاحة صالح العنتري" و" زينب حمود قائد"، و"ياسمين سعيد الأصبحي " وكل الجريحات في ثورة تعز السلمية.
الشاهد في الأحداث المتلاحقة في تعز يلاحظ أن المعادلة تكاد تتساوى نتائجها بين الثوار الأحرار، والثائرات الحرائر من خلال التنافس على الشهادة من أجل تحرير اليمن من حكم العائلة الظالم لها ولشعبها المبدد لثروته، فلا يوجد اليوم فوارق بين النساء والرجال في هذه الثورة فالكل (ثائرة وثائر) يسابق الزمن للوصول إلى وسام "الشهادة" و تكون بمثابة زفة يزف فيها الشهداء أو الشهيدات إلى ربهم معطرين بدمائهم الزكية التي أراقها، ولازال يريقها قلة تشربوا الحقد على الثوار والثائرات عندما قالوا لعلي "ارحل" واليوم يطالبون بمحاكمته وليس رحيله.
اليوم في كل ساحات التغيير والحرية في اليمن للنساء كلمتهن وحضورهن المشرف والعظيم، ودرس عملي لأولئك الذين لا يزالون يراهنون على نظام وزعيم وجماعة يترنح على جدار الزمن، ولا يريدون أن يتقدموا خطوة نحو الثورة والمشاركة فيها رغم ما يرونه من دماء تسفك ومنازل تدمر، وأحياء تقصف إلا أنهم يتعامون عن تلك الصور التي يرونها ولا تهز فيهم شعرة وكأن من يقتل أو يجرح ليس من اليمن،
والرهان اليوم على صمام نجاح الثورة السلمية في اليمن هن "النساء الحرائر"، إن استمر الرجال في شرفات منازلهم ينظرون ويهزون الرؤوس ويخبطون كفاً بكف بل ويسخرون من المسيرات والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي تقام هنا وهناك، والنساء أجدر بحمل شرف النضال من أولئك الذين فضلوا المنازل خائفين من الموت، وتناسوا أن الموت هو قدر محتوم يأتي في أي زمان قرب موعده ولا يمنعه جدار أو حاجز ولنا في ذلك مواقف أبرزها مقتل الشاب هاني الشيباني برصاصة مضاد الطيران عندما وصلته إلى غرفته فكانت نهايته شهيداً بإذن الله تعالى، وقبله كان عبد الحكيم النور، والشهيدة "جميلة"، وغيرهم ممن وصلتهم رصاص القنص وقذائف الغدر إلى حجرهم وتلك آجالهم التي كتبها الله لهم، فلماذا الخوف لازال الخوف مسيطر على الكثير؟
وفي الوقت الذي تجرى المفاوضات لتنفيذ المبادرة الخليجية نجد النساء اليوم يخرجن في كل المحافظات يطالبن بمحاكمة النظام وبقاياه ويرفضن الرضوخ للمبادرة المستقدمة من الخارج بعد أن أزهقت أنفس وسالت دماء وهدمت منازل بقصف بقايا النظام.
وهناك رجال ونساء كثيرون لازالوا خارج صف الثورة لم يدخلوا بعد، يظنون أن الثورة ستخمد وستعود الأمور إلى نصابها ويخشون مما قد يكون ينتظرهم من عتاب وعقاب، ولو وعوا وعرفوا الحقيقة فإن الثورة لم تقم لمجرد الثورة أو من بطر أو فراغ.
 alhadi68@gmail.com

في الإثنين 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 03:54:52 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66225