المستشفى الميداني بتعز.. معانات كثيرة
عبدالهادي ناجي علي
عبدالهادي ناجي علي

منذ أن اندلعت الثورة الشبابية في اليمن عامة ، وتعز خاصة وهناك الكثير من الأدوار الإنسانية التي يلعبها الكثير من الثوار وممن لديهم قدرات وإمكانيات معينة ، ففي ساحة الحرية وقبل أن تحرق نذر عدد من الأطباء أنفسهم في خدمة الثوار من خلال عملهم الإنساني في المستشفى الميداني من خلال تطبيب ومجارحة المصابين حيث قدموا عملاً عظيماً للثوار الذين كانوا يواجهون ترسانة النظام بصدورهم العارية وبثورتهم السلمية فسقط الكثير منهم واستشهد البعض ، وجرح البعض ، وبعد اليوم الأسود الذي تعرضت له ساحة الحرية بتعز وإحراقها من قبل الحرس العائلي وقوات الأمن ومن يطلق عليهم "البلاطجة" ، ولأن الثوار لم ييأسوا مما صنع بهم وبساحتهم فقد أعادوها ، ومع عودتها عاد عطاء المستشفى الميداني من خلال تخصيص مستشفى الروضة كمقر للمستشفى الميداني لساحة الحرية بعد أن تخلت بعض من المشافي في تعز عن خدمة الثوار خوفاً من النظام ، خاصة وأن مشهد التخريب والتدمير الذي تعرض له مستشفى الصفوة في تعز مازال قائماً في مخيلة أصحاب المشافي ، والصفوة كان له دور كبير وإنساني عظيم خلال الأحداث التي شهدتها تعز منذ اندلاع الثورة فساهم وقدم الكثير وهو الأمر الذي أزعج النظام وعمد إلى تخريبه وتكسيره ونهبه وصورة الخراب التي تعرض لها مستشفى الصفوة لازالت تشكل قلقاً كبيراً لأصحاب المشافي الخاصة خوفاً من نفس المصير، إلا أن مستشفى الروضة والقائمين عليه لم يعبأوا بتلك الصورة فرموها تحت أقدامهم واستمروا بدورهم الإنساني وواصلوا تقديم خدماتهم وفتحوا المستشفى لكل جريح يصل إليه مقدمين له الخدمات الطبية اللازمة وفق القدرات والإمكانات المادية والفنية المتوفرة لديهم دون خوف أو رهبة من القصف المتعمد عليه من قبل قوات الحرس العائلي، ورغم مؤامرات بقايا النظام عليه فهم مستمدون قوتهم من قوة القوي المتين جبار السماوات والأرض الله سبحانه وتعالى ، ووفق الله لهم من يذود عن المستشفى ويحميه من كل المحاولات اليائسة لتدميره.
المستشفى الميداني اليوم برغم ما يقدمه من خدمات إلا أنه يواجه تحديات مادية كبيرة متراكمة عليه من قبل محرقة الساحة والتي قدرت بأكثر من 180 مليون ريالاً، حيث يتلقى المصاب فيه أومن يصله من الثوار كل الرعاية دون أن يدفع ريالاً واحداً .
وعجباً ممن يتهمون القائمين عليه بالاستفادة المادية وهم يتحملون كافة المصاريف الخاصة بالأدوية والعمليات الجراحية ولا يجبرون أحدا على دفع ريالاً واحداً ، وأنا لمست ذلك من خلال المعاملة التي تمت لولدي" محمد" أثناء تعرضه لشظايا الرصاص في إحدى المسيرات التشييعية لأحد شهداء الثورة بتعز فلم يطلب مني ريالاً واحداً بل قيل لي أن التكاليف كلها على حساب المستشفى الميداني ، فكل تلك الأعمال الإنسانية التي يقدمها الأطباء في المستشفى الميداني - جزاهم الله خيراً- ولن نذكرهم حتى لا نفسد عليهم الأجر والثواب عند الله تعالى، يلمسها الكثيرون غيري .
في ساحة الحرية بتعز منعت عملية جمع أي مبالغ مالية منذ بدايتها، وفي إحدى الجمع خلال الشهر الجاري والتي سبقت عيد الأضحى طلب جمع تبرعات للمستشفى الميداني بعد أن وصلت الديون المترتبة عليه مقابل أدوية ومستلزمات طبية إلى مبلغ كبير، فجمع لهم في تلك الجمعة ما يقارب التسعمائة ألف ريال، وهو مبلغ زهيد مقابل الديون المتراكمة عليه، فأين الاستفادة يا من تتهمون الآخرين بتهم باطلة كعادتكم؟
المستشفى الميداني اليوم مستمر بتقديم خدماته رغم الوضع المأساوي الذي تعيشه تعز ورغم محاولة النظام اقتحامه أكثر من مرة ومصادرته لأنه بخدماته الإنسانية يكشف عورة المستشفيات الرسمية التي تحول البعض منها إلى ثكنات عسكرية تضرب منها المدينة، وبخدماته الإنسانية يفضح النظام المتشدق بحماية حقوق الإنسان وهو يحول مرفق صحي إلى موقع عسكري يضرب المواطنين منه، ويرعب المرضى - إن كان بقي مرضى.
 المستشفى الميداني اليوم يعلن للمجتمع كله وعبر كثير من الوسائل وأعتذر للقائمين عليه إن بادرت بكتابة هذا الموضوع دون الاستئذان منهم وذلك شعوراً منى بمعاناتهم ولمسي بمقدار الجهد والعطاء الذي يقدمونه للشهداء والجرحى من خلال مستشفى الروضة، ومن خلال المستشفيات المتعاونة مع الثورة، وقد حز في النفس تقرير عرض لجثث الشهداء وهى مرمية في إحدى ممرات المستشفى الميداني بسبب عدم توفر ثلاجة خاصة لحفظ الجثث، وحينما وجدوا أن مستشفى الثورة ثكنة عسكرية مغلقة لا يمكن وضع الجثث فيها ولم يكن هناك متسع في ثلاجة الموتى لأحد المستشفيات الخاصة تركت الجثث في الممرات حتى تم إحضار ثلاجات منزلية فوضعت فيها.
من خلال هذه المقالة المتواضعة أضع القارئ الكريم وأضع كثيراً ممن لديهم القدرة المالية في الصورة المأساوية التي يعيشها الأطباء والعاملون في المستشفى الميداني ونوجه الدعوة لهم في أن يكون لهم سهم في التخفيف من تلك المعانات التي يعانوها ويسهموا في دعم الثورة بتوفير مستلزمات المستشفى طبياً أو سداد جزءاً من الديون المتراكمة عليه، حتى وإن لم يحضروا ساحة، ولم يخرجوا في مسيرة فدورهم، ودعمهم يعتبر أعظم وأجل عند الله، فكل يساهم مع الثورة من الزاوية التي يجد نفسه أنه قادر على العطاء وتقديم الخدمة للثورة والثوار .
المستشفى الميداني ينتظر أصحاب المال والتجار في أن يخصصوا له سهم من أموالهم لأنه يحتاج الكثير من الإمكانات الطبية لمعالجة المصابين والجرحى من شباب الثورة.
نتمنى أن أكون بهذه السطور قد وضعت جزءاً من الصورة التي يعيشها المستشفى الميداني بتعز أمام الجميع .
alhadi68@gmail.com
في الأربعاء 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:17:01 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66250