الجشع الذي قتل وطن!!
فهد علي البرشاء
فهد علي البرشاء

معاناة الشعب تكبر وتتسع, وهمومهم تحكم سيطرتها عليهم, وآهاتهم تعيث فساداً في دواخلهم وتعبث بها.. معاناة بحجم الوطن, بل تعدت حدود الوطن.. معاناة أصابت وطننا بالتخمة والشبع اللا إرادي وأجبرته على أن يتجرعها ويتذوق مرارتها,تعاقره ليل نهار ولم يجد بداً للخلاص منها أو التخفيف من آلامها التي نأت منها دواخله..
مع إطلالة كل فجر تفاجئنا الأقدار بمصيبة وفاجعة تنحدر بفعلها الدموع بحرقة وحسرة وقهر,دموع لم نذرفها قط,ولكن هول الفاجعة وقسوتها جعلها تنحدر دون استئذان أو سابق إنذار, فالحال لا يحتمل, المشاهد مؤلمة والواقع وأحداثه أشد إيلاماً..مآسٍ,نكبات,أزمات,فقر,جوع,تدني في الخدمات, شحة في الموارد,دماء تسيل هناك وهناك, أرواح تزهق,أجساد تمزق,نساء ترمل,أمهات تثكل, أطفال تيتم,ووطن بات مستنقع فساد وبلاء وهم وحزن..
وطن برمته عاثت فيه أيادي العابثين واستنزفوا خيراته, أمتصوا موارده, أستغلوا ثرواته,نشروا البلاء والفساد والخراب في كافة مرافقه, جعلوا منه فأر تجارب لممارساتهم أللا أخلاقية والممقوتة,خلقوا فيه الأزمات والنكبات وجرعوا فيه الشعب كل أصناف العذاب, وحولوه إلى غنيمة، سعوا إلى تقاسمهما ويأخذ كل فرداً متسلط متنفذ نصيبه بحق وبغير حق عنوة وبسلطة السلاح والجاه والمنصب,تفننوا في إذلال الشعب,وأبدعوا في إيذائهم,وأجادوا طرق تعذيبهم وحرمانهم,كان لديهم مآرب وغايات وطموحات,وكأن الوطن هو الضالة التي ينشدون فيها كل هذا مهما كلف ذلك من ثمن,ومهما تكبد الشعب مصائب ومحن..فالجشع أعمى بصائرهم,والطمع غلف دواخلهم,ناهيك عن حب الذات الذي قتل ضمائرهم..
وطن بلغ به الفساد والخراب ذروته ووصل به الدمار والهلاك إلى الحضيض,زيفت فيه كل الحقائق,وانقلبت فيه كل الموازين, وأصبح مدعاة للسخرية الشفقة في ذات الوقت,يترقب العالم انهياره المحتوم أن لم يكن قد انهار كلياً, ويتابع الكل أخباره بلهفة وشفقة فهو وطن المفاجآت والفجائع..
وهو الوطن الذي أحتار اللبيب والحصيف والمفكر والمحلل والنبيه في سياسة ساسته وطريقة تفكيرهم,وعجز الوسطاء والخيرون في حل وفك طلاسم أهله التي لا تعرف بدايتها من نهايتها, وكأنك أمام معادلة"لوغرتامية"..
وهو الوطن الذي يحتضر ويعاني سكرات الموت ويلفظ آخر أنفاسه ويرتجي من أهله أن يغيثوه وان يشفقوا عليه إلا أنهم يغمدون خناجرهم في جسده وينهشون بسياساتهم وجشعهم أوصاله.. الوطن الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الهلاك والانجرار إلى حرب أهلية ضروس ومجاعة شعبية يقتل فيها القوي الضعيف ويتجبر فيها أصحاب النفوذ والمال ويسيسون الناس والحياة وفق أهوائهم ورغباتهم ونزواتهم.. هو الوطن الذي قتله جشع ساسته وسياساتهم الرعناء وتشبثهم بكل شيء وعدم مخافة الله في أنفسهم وفي الرعية التي استرعوها والأمانة التي يحملونها في أعناقهم..
وطن وشعب وجهان لعملة واحدة هزيلة بائسة لم ترتق ولم تتطور ودوماً إلى الحضيض والتدني ونخاف من أن ينالها الزوال والدمار إن ظل الحال كما هو عليه ولم تتبدل السياسيات والأحوال..
fahdalbarsha2011@hotmail.com
في الأحد 20 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 11:47:04 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66283