تعرضوا لنفحات الله
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

ما يريد الله بعذابكم:
من رحمة الله تعالى بعباده أن نوّع لهم العبادات مابين صلاة وصوم وحج وزكاة وأعمال بر تشمل حسن الخلق وبر الوالدين وصلة الأرحام وغيرها كثير، وكتب لهم الثواب على المباحات إذا نوى بها العبد الاستعانة على الطاعة أو إعفاف النفس وكف الأذى، فهو الواسع سبحانه لم يجعل للجنة باباً واحداً ولم يحصر العبادات في أمر واحد لعلمه بأن الناس أجناس مختلفة ولهم قدرات متفاوتة والله سبحانه لم يخلق الخلق ليعذبهم.
ومن رحمته بهم أنه سبحانه لم يغلق باب التوبة عن عباده ودعاهم إليها وجعل لهم مواسم تعينهم عليها ووهبهم نفحات في دهرهم إذا تعرضوا لها، غفر لهم الذنوب وستر لهم العيوب ورفع لهم الدرجات، فالصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، فمن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن فاته ذلك الفضل العظيم، فالفرص عند الله تعالى غيرها كثير، فبعد رمضان تأتي أشهر الحج وفيها عشر ذي الحجة قال عنها صلى الله عليه وسلم عنها "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله".
 وفي يوم عرفة الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم "من صام يوم عرفة غفر له سنة أمامه وسنة بعده"، ومن فاته كل ذلك الخير فإن الله تعالى يفتح له باباً آخر من أبواب الرحمة والمغفرة في بداية العام حتى يدخل عامه الجديد وقد تطهر من ذنوب عام مضى وانقضى.
فهاهي نفحة إيمانية وهبة ربانية يهبها الله تعالى لنا وهو الرحيم بعباده.. فبعد أن وهبنا يوم عرفة وجعل صيامه كفارة سنة ماضية وسنة قادمة لنختم عامنا بخير.. أرادنا أن نستقبل عامنا الجديد برحمة وتوبة ومغفرة، فجعل في أول أشهر العام صيام يوم عاشوراء كفارة سنة.. قال صلى الله عليه وسلم "صوم يوم عاشوراء يكفر العام الذي قبله".
وقال عليه الصلاة والسلام "لئن عشت إلى قابل لأصومنّ التاسع والعاشر".. وقال صلى الله عليه وسلم" أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم"، فلنغتنم الفرص ولنتعرض لنفحات الله تعالى، فإن لله تعالى في دهره نفحات، "وإن لله في دهره نفحات فتعرضوا لنفحاته, فالشقي من حرم أجراً ساقه الله إليه وثواب أعانه عليه".
فرصه لا تفوتها:
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) رواه مسلم، 
شهرُ الحرامِ مباركٌ ميمون × والصومُ فيه مضاعفٌ مَسنونُ 
وثوابُ صائمه لوجه إِلهه × في الخُلد عند مَليكه مخْزُونُ
قال أبو عثمان النهدي - رحمه الله-: كانوا يعظمون ثلاث عشرات: العشر الأخير من رمضان، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأول من المحرم.
قال الإمام ابن رجب –رحمه الله-: وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله؛ فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته.
ومحرم من الأشهر الحرم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (السنة أثنى عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاث متواليات: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان).
ويقول القرطبي- رحمه الله-: خص الله تعالى الأربعة الأشهر الحرم بالذكر ونهى عن الظلم فيها تشريفاً لها، وسمي بذلك لأنه شهر محرم فيه القتال وسمي بذلك تأكيداً لحرمته.
كيف نصومه:
قال ابن حجر- رحمه الله: صيام عاشوراء ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه: أن يصام التاسع والعاشر، وفوقه: أن يصام التاسع والحادي عشر أي مع العاشر.
ودليل المرتبة الأولى: فضل صيام اليوم العاشر مطلقاً دون ذكر لصيام يوم قبله أو بعده..
ودليل المرتبة الثانية:قول النبي صلى اله عليه وسلم : (لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع) رواه مسلم.

 بداية التأريخ :
وقال محمد بن سيرين: قام رجل إلى عمر فقال: أرّخوا، فقال عمر: ما أرّخوا؟ فقال: شيء تفعله الأعاجم في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر: حسن، فأرّخوا، فاتفقوا على الهجرة ثم قالوا: من أي الشهور؟ فقالوا: من رمضان، ثمّ قالوا: فالمحرم هو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام، فأجمعوا عليه.
فالصحابة حين أرخوا اعتمدوا سنة الهجرة كبداية، ولم يعتمدوا الشهر أو اليوم الذي هاجر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم كما يظن أكثر الناس اليوم، ثم اختار الصحابة بعد ذلك المحرم كبداية للسنة لأنه بعد انتهاء موسم الحج، ولم يكن هناك علاقة بين شهر الهجرة وتحديد شهر المحرم كبداية.
أحاديث موضوعة:
وتشتهر بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة الخاصة بيوم عاشوراء منها: (من وسع على عياله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته، ومن عاد مريضاً يوم عاشوراء فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلهم، ومن واغتسل يوم عاشوراء لم يمرض إلا مرض الموت، ومن اكتحل بالاثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه، وما من عبد يبكي يوم قتل الحسين يعني يوم عاشوراء إلا كان يوم القيامة مع أولي العزم من الرسل).

في الأحد 04 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:39:35 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66430