بين إباحة التضخم وليس التضخم الحل!
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

وجهات نظر مختلفة بين الاقتصاديين حول التضخم، منهم من رأى أن قضية الديون في الولايات المتحدة وفي أوروبا هي المشكلة الأولى والثانية والثالثة، وهي العقبة الرئيسية أمام النمو.
وفي الولايات المتحدة الدين الخاص هو ما يعيق النمو، وربع أصحاب العقارات غارقون في الديون، قيمة منازلهم تقل عن القروض العقارية التي حصلوا عليها.. الولايات المتحدة في وضع استثنائي وللمساعدة على تقليص الدين يجب أن يبلغ التضحم مستوى 6.4% على امتداد أعوام عدة، وسيكون التضخم المعتدل بمثابة مساعدة كبيرة، والبنوك المركزية مشغولة لتشن الحرب ذاتها التي خاضتها في السبعينيات.
وفيما يتعلق بإنقاذ اليورو في أوروبا كما في الولايات المتحدة أن تشكل التغييرات الهيكلية الكبرى، الأمر الثالث الذي يتعين القيام به، والحل الوحيد هو السير سيراً سريعاً نحو تكامل نقدي وسياسي أكبر لدول الاتحاد الأوروبي.
أثناء عقد السبعينيات ومطلع الثمانينيات كان التضخم قد صعد عامي 1979م و1980م إلى 13%، فريق آخر أشار إلى أن المشكلة المركزية في الاقتصاد اليوم هي نقص الثقة – الخوف- الذي ينعكس غياباً هائلاً لليقين.. كيفية مواجهة بطالة عنيدة، وتدهور قيمة المنازل، وأسعار أسهم مضطربة، وهناك سياسة متعمدة تجازف برفع التضخم.
التضخم وسيلة لتقليص أعباء الدين، ومع ارتفاع الأجور والأسعار تنخفض قيمة الديون القائمة، ويتحر المستهلكون والأعمال والحكومات للإنفاق بحرية أكبر، وربما يدفع التضخم السريع الاقتصادي في اتجاهات أخرى.
ومعدل تضخم أعلى ربما يتيح أيضاً للمجلس الفيدرالي "البنك المركزي" تخفيض معدلات الفائدة المؤثرة، وفي حال ظلت معدلات الفائدة أقل من التضخم رغم صعوبة ضمان ذلك فإن الائتمان الأقل كلفة سوف يعزز الاقتراض، والمشكلة تكمن في أنه يصعب التحكم حتى يصبح الناس مقنعين أن الحكومة تتسامح مع التضخم أو تشجيعه.
قدرة التضخم المرتفع على تقليص القيمة الحقيقة للدين الحكومي الأميركي قدرة محدودة، لأن قسماً كبيراًمن الدين هذا قصير الأمد، وفي حال كان التضخم مرتفعاً سوف يعادتمويل الديون بفوائد أعلى، وهو ما سيطالب المستمثرون به لحمايتهم من ارتفاع الأسعار.
منتصف عام 2007م اندلعت أزمة الدول الغربية المالية، وفي منتصف عام 2009م بدأ الركود الاقتصادي في الانحسار، ولكن فصول الأزمة توالت في منتصف 2011م تفاقمت الأزمة على وقع تضخم الدين العام، وقد تسقط اقتصادات الدول هذه في الركود من جديد، وزعم القادة الغربيون عام 2002 و 2008م أنهم وقعوا على طريقة بعث النمو وإطلاق عجليته من جديد، ولكن المزاعم هذه واستعراضها لم تؤت ثمارها وبين عامي 2002و2006 انتهج المدير السابق للمجلس الاحتياطي الفيدرالي سياسة طويلة الأمد خفضت سعر الفائدة إلى أدنى المستويات لثني الأسر عن الادخار وتشجعيها على الاقتراض للشراء، لكن أثر هذه السياسة المالية تبدد في أعوام قليلة، وبرز وجهها السلبي، ففي منتصف 2007 ضربت أزمة ثلاثية عقارية، مصرفية، مالية الولايات المتحدة وأوروبا وأصابتهما بالركود، وبلغت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق.
× توقعات بزوال هيمنة الدولار:
توقع البنك الدولي في تقرير حول الاقتصاد العالمي الجديد زوال هيمنة الدولار ا لأميركي على النظام المالي الدولي بحلول عام 2025 ليحل مكانه نظام ثلاثي الأقطاب قوامه الورقة الخضراء واليورو واليوان، وحالياً يمثل اليورو مصدراً متزايداً للمنافسة بالنسبة للدور، وبما أن الاقتصادات الناشئة تمثل حصة متنامية بإطراد في الاقتصاد العالمي وتسهم بنشاط متزايد في التجارة والمالية عبر الحدود، من البديهي أن تلعب عملاتها وخصوصاً الريمنبي - الاسم الرسمي للعملة الصينية- بشكل حتمي دوراً أكثر أهمية ، والسيناريو الأكثر ترجيحاً بالنسبة للنظام المالي الدولي هو نظام عملات متعددة تتمحور حول الثلاث العملات.
في إطار هذا السيناريو سوف يفقد الدولار موقعه كعملة دولية مهيمنة بلا منازع بحلول عام 2025، ليترك المكان لدور دولي موسع لليورو والعملة الصينية الذي هو في أوج انطلاقته، وقد جعلت فرنسا من التقدم باتجاه نظام نقدي متعدد الأقطاب إحدى أولويات رئاستها لمجموعة العشرين.
أحد الخبراء الاقتصاديين صرح بأن الانطلاقة السريعة للاقتصادات الناشئة أدت إلى اضطراب من شأنه أن يعيد توزيع مراكز النمو الاقتصادي في الدول المتطورة والنامية، التوقعات تشير إلى أنه بحلول عام 2025 سوف توفر نصف نمو الاقتصاد العالمي ست اقتصادات ناشئة هي: "البرازيل، الصين، كوريا الجنوبية، الهند، اندونيسيا، روسيا".
العملة الصينية ستلعب في يوم ما دوراً رئيسياً كعملة احتياط عالمية برغم أن الدولار سيظل عملة مهمة، لكن في العقود القادمة ستكون هناك تغييرات هائلة وفي المستقبل البعيد ستلعب الصين دوراً رئيسياً في الاحتياطات العالمية، لأن الصين مهمة جداً في التجارة العالمية والنقد، فالأموال تقتفي أثر التجارة، الصين تحاول تعزيز الثقل العالمي لعملتها عبر تشجيع إتمام تسويات التجارة الخارجية باليوان والتوقيع على اتفاقيات ثنائية لمبادلات العملات مع دول أخرى.
هامش:
1. الاتحاد الاقتصادي 27/5/2011.
2. الاتحاد الاقتصادي 10/8/2011.
3. الاتحاد الاقتصادي 28/8/2011.
4. الاتحاد الاقتصادي 29/8/2011.

في الأربعاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:25:37 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66470