تحركات إيرانية لإفشال المبادرة الخليجية
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

 أخيراً بانت الرؤية وظهرت أسباب المحاولات التي أريد لها جر مسيرة الحياة السلمية لأهداف لم تكن ضمن خطة المسيرة، حيث كشفت وسائل الإعلام عن أن عناصر مشبوهة مكونة من مئات المسلحين المدعومين من طهران والذين أندسوا في صفوف شباب المسيرة حاولوا التوجه نحو الرئاسة ومحاولة اقتحام قصر دار الرئاسة وافتعال مواجهات تنتج عنها مجزرة تفضي لإفشال حكومة باسندوة .
ولا خلاف على أن مثل هذه المسيرات هي حق مكفول – قانونياً ودستورياً- لكل مواطن طالما وهي سلمية ولأهداف مشروعة .
ولن يختلف معي أحد حول أن قافلة "مسيرة الحياة " الشبابية والتي وصلت يوم السبت الماضي إلى صنعاء بعد اعتراضها من قبل بلاطجة عائلة صالح واستشهاد 13 وجرح عشرات الشباب المشاركين فيها، هذه القافلة والمسيرة التي أذهلت العالم تعد إحدى تجليات تعز الثورة وإشراقات أبنائها الرائعين، هي تجسيد حي لإرادة وعزيمة شباب الثورة وابتكار جديد يضفي على الثورة زخماً جديداً وحيوية.. ورسالة لكل الأطراف بأن شباب الثورة يقهر الصعاب ويتحدى العوائق.
 ولا شك أن هذه المسيرة الرائعة هي كرنفال شبابي، أعاد الروح للثورة وجددها وبث فيها الحياة من جديد .
ولا خلاف أيضاً على أن هذه المسيرة التحدي أظهرت صلابة إرادة شباب الثورة وقوة عزيمتهم الفولاذية كل هذا لا خلاف عليه عند المنصفين، لكننا نخشى أن المسيرة الحياة الشبابية تعطل مسيرة الحياة السياسية، لأن هناك طابوراً خامساً يرى الوفاق السياسي المتمثل بحكومة باسندوة التي تجاهد على أكثر من جبهة لإعادة الحياة الطبيعية والطمأنينة للناس وإنقاذ البلد خطر عليه، لأنه هذا الوفاق سينقل البلد لبر الأمان وسيقطع عيش هؤلاء وستتضرر مصالح الفاسدين، ويا ليت أننا نفوت الفرصة على هؤلاء البلاطجة وتجار الحروب ونعي خطر توقيت مثل هذه التحركات والتي ينتظرها صقور المؤتمر وأقارب صالح الذين يكادوا أن يغادروا مواقعهم بفارغ الصبر لكي يسوقونها كتصعيد من جانب المشترك وكمحاولة لضرب الوفاق الوطني وعرقلة المبادرة الخليجية المخرج السلمي الوحيد لليمن .
ونحن نستنكر الهجوم الهمجي على مسيرة شبابية سلمية أريد منها إيصال رسالة تضامنية وإنسانية وأخوية راقية ونطالب الجهات المسؤولة الكشف عن القتلة ومحاكمتهم، ولكن هل كان هذا هو الوقت المناسب لها؟!.
لقد كان البلاطجة في الرمق الأخير فجاءت "مسيرة الحياة" لتعيد إليهم اعتبارهم ومصاريفهم وتموضعهم في مواقعهم.. هل يدرك شباب الثورة هذا؟!
يا شباب الثورة: المبادرة الخليجية التي أثمرت حكومة باسندوة تخدم ثورتكم، لأنها تحقق رحيل عائلة صالح عن السلطة بسلام وتحقق إقالة الفاسدين من كل مواقعهم بالتدريج ويخطئ من يظن أن أهداف الثورة ستحقق في ظل غياب الدولة وغياب الأمن والنظام وهيبة القانون .
انتقال البلد لبر الأمان وتحقق الأمن والاستقرار سيحقق كل أهداف الثورة وطموحات شبابها على المدى البعيد، فلا يأتي شيء بين يوم وليلة، دعونا من بعض الشباب المتحمسين المثاليين الذين يريدون تغييراً جذرياً بين يوم وليلة، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الفساد وغياب الدولة وترسخ الفوضى وتعايش الناس معها .
بدأ النائب الفريق/ عبدربه منصور هادي يقيل الفاسدين الواحد تلو الآخر، مضحياً بعلاقته التاريخية مع صالح وعائلته وبدأت حكومة باسندوة تعيد شيئاً من الطمأنينة للناس، فلا نعرقل هذه الجهود ولنفوت الفرصة على المتربصين وتجار الحروب والبلاطجة وأعداء الوطن.
تعطيل الوفاق السياسي وفشل حكومة باسندوة، خاصة بعد تهديده وتهديد وزير الداخلية بالاستقالة كما أوضحت صحيفة الخليج
هناك عملية تخريب تتعرض لها المبادرة الخليجية في اليمن، في أعقاب ما جرى خلال الأيام الماضية، وخاصة الأحداث التي رافقت "مسيرة الحياة" التي انطلقت من تعز إلى صنعاء.
وهناك تحركات إيرانية مشبوهة وتخطيط ماكر لافتعال أزمات بهدف إفشال المبادرة الخليجية، فالأموال الإيرانية تتدفق على الحوثيين وبعض المرتزقة للعمل على تخريب التسوية السياسية ونشر الفوضى، كهدف إيراني يلتقي مع أهداف لقوى داخلية تعارض المبادرة وتريد إدخال البلاد في أتون فوضى عارمة.
إن عرقلة المبادرة الخليجية وإعادة الأمور إلى مربع الصفر لا يخدم سوى البلاطجة وتجار الحروب وأصحاب المشاريع الصغيرة الذين يريدون التوسع في ظل غياب الدولة وهيبتها وسيادة الفوضى والاضطرابات كمشروع الحوثي التوسعي التصفوي الإقصائي، ولعل هذا ما يفسر استنكار الحوثي للاعتداء على مسيرة الحياة، في محاولة فاشلة لكسب تأييد شعبي وكأن هؤلاء الحوثيون ملائكة، أما حصار دماج وقصفه بالأسلحة الثقيلة وتدنيس المساجد وتمزيق القرآن كما حدث في عاهم ونهب القواطر الغذائية المرسلة لأهالي دماج والتوسع بالجوف وحجة وقتل المخالفين أمر مباح .
دعونا من أولئك المتباكين زوراً على جماجم الشهداء، فدم الشهداء لن يذهب هدراً ولن يأتي القصاص بانزلاق البلد في دوامة العنف وتعطل الحياة في كل مجالاتها، فلنتأمل ثم إن لكل ثورة تضحيات ولكل تغيير ثمن .
وحتى وإن أعطى البرلمان ضمانة لصالح وعائلته وكبار المسؤولين، فأسر الشهداء تستطيع عبر محامين وعبر مؤسسات حقوقية ملاحقة القتلة في اليمن وفي كل العالم ولو كانوا في أدغال أفريقيا أو أحراش سيبيريا .
يا هؤلاء لو تفكرنا في الأمر لوجدنا أن إنجاح حكومة باسندوة ودعم الوفاق السياسي في هذه المرحلة الحرجة والحساسة واجب وطني على الجميع الاشتراك فيه كل من موقعه.. فهل يدرك شباب الثورة تلك التحركات الإيرانية المشبوهة ويعملون على ترجمة هذا الإدراك في أرض الواقع؟!
أتمنى ذلك..
في الأربعاء 28 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:59:51 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=66649