فوبيا المرأة ووعاظ آخر زمن
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الشيخ عادل بن سلمان الكلباني - إمام الحرمين سابقاً وجامع المحيسن حالياً - أتهمه بعض المتنطعين والجامدين بـ(العمالة للغرب)بل وصل الأمر بأحدهم إلى قدح لحيته ووصفها بـ( اللحى المستأجرة)، ذنب الرجل أنه جهر برأيه صراحة إزاء العمليات الاستشهادية التي اعتبرها انتحارية وكذا جواز قيادة المرأة للسيارة ومشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية وغيرها من المسائل المسكوت عنها .
الكلباني وصف ما يجري للمرأة من غمط وعسف بـ(فوبيا المرأة )، فالأصل في الأشياء الحلال والحاصل أنه لا خلاف بين جميع الفرق حول المسائل الأساسية التي يوجد بها نص قرآني قطعي، مثل فروض الصلاة وصيام رمضان أو حرمة الزنا وشرب الخمر وغيرها بقدر ما الخلاف في أقوال المحدثين وفي قراءتهم التأويلية لكلام الله أو الرسول .
كتاب الله يخاطب في الأصل العقل الإنساني، فقبل أن يكون ديناً وعقيدة راسخة في وجدان الناس وفي سلوكهم كان كلمة نافذة ومستقرة في عقول البشر، فلولا هذه العقول لما عرف الإنسان جادة الحق ولما آمن وصدق الخلق بحقيقة أن هؤلاء الرسل هم من عند الله، كيف لا وكثير من آيات السماء تحترم وتبجل عقل الإنسان، كما أنها تحثه وتوجهه إلى فهم وإدراك وجود الله ومن خلال أشياء بديهية .
بعض الوعاظ والخطباء لا يحسنون صنعاً بهذا الدين العظيم، ففي كثير من الأوقات أجدني مكرهاً أنصت لخطبة جمعة لا تحترم عقلاً أو منطقاً، تصوروا أحدهم جعل من منبره مكاناً لإهانة الإنسان وفكره وذلك بإيغاله في قصة ذلكم المؤمن الذي لا يسمع أو يتفوه سوى بالقرآن، فحين توفاه الله بحادثة مرورية ظل دماغه يصدر ترتيلاً لآيات الله، العكس أيضاً كان مع رجل عُرف بفسقه ومجونه، إذ عثر على جثته فوق قبره وكلما تم دفنها بالتراب خرجت من رمسها ثانية وثالثة وبعد أن فاض غضب الرحمن بهؤلاء العصاة أحال القبر إلى بئر عميقة .
في إحدى هذه الجمع لم يجد الخطيب شيئاً ذا أهمية، فكان أن أزبد وأرعد في حرمة استجلاب اللاعبين والمدربين من الخارج.. ألم أقل لكم أن مثل هذه الخطب تمثل إساءة بالغة بدين الله الإسلام؟.. واحد من هذا الصنف دعي إلى السويد، فكان أن أستهل عهده قائلاً: إما الإسلام أو الجزية أو السيف، حدث هذا في بلاد فتحت أبوابها لآلاف المسلمين ومنحتهم حقوقاً لم يجدوها في أوطانهم.
أحد هؤلاء المتنطعين لم يجد ما يحدث به المصلين سوى تحريم الصلاة بقميص أو بنطال يحمل علامة صليب فوق جيبه الخلفي أو الأمامي، خطيب ألمعي جداً لم تحرك فيه الجرائم المقترفة يومياً في اليمن ولا الدم والأرواح المزهقة في صنعاء وتعز وأبين وعدن ونهم، إذ كانت خطبته العصماء جلها في منكرات لعبة كرة القدم وحرمة التعاقد مع المدربين واللاعبين الأجانب.
زعيم حزب الأمة الصادق المهدي في آخر خطبة له كان قد قال بأن المرأة ليست ملزمة بالحجاب والنقاب وإنما بالحشمة، جماعات السلف دعت إلى توبة المهدي أو محاكمته شرعاً، المهدي أيضاً أفتى بجواز حضور النساء كشاهدات في عقود الزواج وبجواز صلاتهن في صلاة الجماعة دون جدار أو ستار يفصلهن عن الرجال.
 المهدي اعتبر أن الأصل ليس الجلباب الذي يعد عادة وتقليداً وإنما الأصل هو الاحتشام، منوهاً بأن ما يستدل به الكثير هو الآية الكريمة المخاطبة للرسول في سورة الأحزاب (يا أيها النبي قُل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهنَّ من جَلاَبيبهنَّ ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفُوراً رَّحيماً) إنما هي هنا مخصوصة بنساء وظرف زماني ومكاني لا يصلح تعميمه على سائر الأزمان، كما أن معنى الحجاب ليس اللباس بل الساتر .
في السبت 18 فبراير-شباط 2012 04:47:05 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=67143