السلطة أخذت لبابه !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

ماذا يريد علي عبد الله صالح؟ السلطة وقد دانت له ولحقبة لم تسنح لغيره! المال وقد صار اسمه وأقرباؤه وأصدقاؤه من أثرى أثرياء الخليج وأوربا ! الخروج سالم غانم وقد تحقق له ووفق الطريقة والسيناريو الذي رسمه كشرطية لمغادرة كرسيه ومن خلال انتخابات رئاسية ! الحصانة له ولأقربائه بل وكل من عمل تحت إمرته وقد حصل عليها من خصومه السياسيين، رغم أن الحصانة للقتلة والعابثين والناهبين سابقة خطرة منتهكة لكل الشرائع والقوانين والمواثيق .
هل رأيتم رئيساً أو ملكاً يخلعه شعبه بثورة شعبية عارمة فينتقل من قصر سلطانه ودنياه الى جامع معارضته وآخرته؟ رئيس يقال له إرحل أنت وبنوك وأهلك وصحبك كي لا يصيبك ما أصاب مبارك ومعمر، فيرد قائلاً: أنا سليل الفارس سيف بن ذي يزن اليماني الملك الحميري الذي لم يفرط أو يقبل بنزع ملكه ولو اقتضى لاستعادته جيشاً وخراباً ومهجاً واحتلالاً ودماً غزيراً متدفقاً كشلال ماء لا يتوقف .
رئيس يمكث في الرئاسة ثلث قرن دون أن أجد له منجزا وطنيا يمكن الاعتداد به اليوم كمكسب ومنجز يبقيه حاضراً في ذاكرة وواقع الناس ومع هذا الواقع البائس والممزق والمثقل بصنوف المشكلات الاقتصادية والسياسية والخدمية ؛ يعود الرئيس السابق كمعارض سياسي لا صلة له البتة بهذه الأوضاع المتردية .
 تصوروا الرجل وكأنه معارض خبير عاد لتوه من منفاه القسري كي ينقذ بلاده وشعبه من أتون الفساد والفشل! في آخر كلمة لهذا الخبير الجهبذ وصف حكومة الوفاق بالفاشلة وقليلة الخبرة، إنها والله لمن السخرية والوقاحة، فالرئيس الذي حكم اليمن بسلطان مطلق وعمر مديد وظروف مستقرة وأوضاع أفضل دون أن يحقق لشعبه أبسط الخدمات الضرورية كالكهرباء ؛ كيف له أن ينقد حكومة يعلم القاصي والداني بكيفية تشكلها وفي أية ظرفية تعمل؟.
 حكومة استثنائية وعمرها لا يتعدى بضعة أشهر ومهمتها الأساسية إنقاذ وطن بات على مشارف السقوط والانهيار نتيجة لفشل رئيسه ومع هذا وذاك يأتي من كان سبباً في وصول الحالة إلى حافة الصوملة ليحدثنا وبكل صلافة عن إخفاق حكومة لم تأت سوى لإصلاح ما أفسده ونظامه!.
قبل سنتين أو يزيد كنت قد ناشدت المختصين في الطب النفسي وفي علمي الببلوجرافيا والاجتماع تفسيراً لتصرفات الرئيس حينها ولخطبه اليومية الزاخرة بالمتناقضات والارتجال العبثي الفوضوي، كتبت ذاك المقال تحت تأثير ربما ما قرأته عن الزعيم جوزيف ستالين الذي لم يكتشف كنه سقمه المزمن المتسبب في أفعاله وجرائمه سوى بعد تشريح بيثولوجي لجثمانه!
وقتها فقط عُرف بأن من حكم الاتحاد السوفيتي ثلاثة عقود لم يكن إلا مريضاً يعاني علة مزمنة لم يفصح عنها حتى لطبيبه الشخصي، فكان ما كان من الفظائع المقترفة في عهده والتي لم تقتصر على معارضيه بل طالت زوجته وولده ورفاقه وشعبه .
اليوم أجدني أكرر مطالبتي للمختصين بتبرير أفعال الرئيس السابق، إنه يعاني من جملة أمراض مزمنة وهذا لا ريب فيه، لكنني أريد الإجابة أن تكون علمية ودقيقة ومبتسرة بمرض عضوي أو ذهني أو نفسي، فلا أعتقد أن هنالك ثمة عاقل يمكنه تبرير واستساغة أفعال وتصرفات الرئيس صالح! أسأل الآن: لماذا عاد؟ وهل سمعتم تهديده ووعيده بكشف الملفات أو حين وصف الثورات العربية بثورات البلاطجة؟ كيف أنتقل فجأة من الحكم الطويل إلى المعارضة ومن المطالبة بضمانة دولية وإقليمية إلى التلويح والتهديد بمعاقبة خصومه؟.
الواقع أننا إزاء حالة نادرة تعاني من جملة علل مزمنة، جنون عظمة وعقدة اضطهاد ضف لها سادية ونرجسية وديماغوجية واضطراب نفسي وتقلب مزاجي وهوس ونهم عجيب على البقاء في الأضواء وووإلخ من العلل التي أظنها مسئولة عن عودة الرئيس السابق وعن فعله وخطابه .
 إنه يعد إقصائه مؤامرة خارجية لا بثورة شعبية وفي ذات الخطاب لا ينسي دعوة اليمنيين إلى الالتفاف حول الشرعية الدستورية التي يمثلها اليوم الرئيس عبد ربه، كيف مؤامرة وعمالة وخيانة وطنية بالدولار والريال؟ وكيف شرعية دستورية ورئيس جديد منتخب يمثل إرادة اليمنيين الشرفاء الأحرار؟.
المؤكد أننا أمام شخصية غريبة الأطوار، متقلبة المزاج والهوى، شخصية غير منضبطة بسلوكها وخطابها، ثأرية وانتقامية لا تتورع عن نسج الحيل والمكايد للآخرين ولو اقتضى منها التحالف مع الشيطان، شخصية مهووسة بالسلطة ولحد الجنون المدمر لكل شيء المبادئ والقيم وحتى الحياة ذاتها.. البعض يعتقد أن عودة الرئيس ليس إلا تضحية منه لصيرورة واستمرار أقربائه وبقايا نظامه في وظائفهم.. ولكن ما نراه ونشاهده لا يوحي غير أن السلطة المطلقة أخذت لبابه وعقله .
في الخميس 15 مارس - آذار 2012 07:18:22 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=67474