القات عدو الدولة المدنية..
عبدالهادي ناجي علي
عبدالهادي ناجي علي

مما لاشك فيه أن السير نحو الدولة المدنية تعترضه عقبات وعوائق كبيرة وكثيرة، والثورة الشبابية السلمية التي رفعت شعار الدولة المدنية مطلوب من كافة فئاتها ومكوناتها المشاركة في تحقيق ذلك الشعار،الذي يتطلب أن تسهم في ترسيخ مفهومه كثير من الوسائل " إعلامية – مثقفون – أحزاب – شخصيات – خطباء – نساء – أندية – منظمات مجتمع مدني " كونها من العوامل المؤثرة في المجتمع.
 ولأن المعوقات التي تقف اليوم أمام الدولة المدنية التي ننشدها جميعاً تحتاج إلى صفحات كثيرة للحديث عنها فإنني أضع هنا معوقاً أراه أنا كمواطن يشكل عائقاً رئيسياً لو استمر في الحياة "يتمخطر" بين الناس كأنه غزال وهو "القات"، هذه الشجرة التي اكرهها منذ صغري، فقد كنت أجلس إلى جوار والدي يرحمه الله تعالى، واقطف وامسح له القات كنوع من البر والطاعة، لكنني لم أكن موافقاً على أن يكون القات رفيقاً لي في صحوتي وخلوتي، فقد كان القات بالنسبة لي أشبه بسم قاتل أتخيله لو دخل فمي ومنه إلى جوفي إنني سأموت على إثره.
كيف لا يكون القات هذا رأي فيه؟ حتى وإن اتهمني البعض بالمغالاة، إلا أنني متمسك برأي ضد القات وأعلنها لكل الموالعة والمخزنين على مدار السنة، والساعة، واليوم، والشهر، والأسبوع، واللحظة، إنني لا أكرههم ولا أبغضهم كونهم يتعاطون هذه الشجرة بل على العكس فإن من يتعاطاه ويسرف في مضغه هو إنسان له من النضج والعقل والحكمة الكثير لكنه يمكن أن يكون في غفلة مع القات، ولذلك فإن لهم في القلب نصيب من الحب والشفقة على حالهم التي يعيشونها بعد القات.
كيف لا يكون القات مكروهاً وهو سبب شقاء شعب وتدهور بلد؟ كيف لا يكون القات مكروهاً وهو سبب خراب بيوت كثيرة؟ كيف لا يكون القات مكروهاً وهو مصدر ضياع كثير من الحقوق؟.
القات عنون للفساد الكبير الذي تعيشه المؤسسات ويسير في فلكه الموظف، والمواطن، القات هو المتحكم اليوم في حياتنا وهو الآمر الناهي، وكما سماه محسن العيني "الحاكم الأول في اليمن " فعلاً وهو الحاكم والمتحكم في حياتنا نحن اليمنيين، فيوم أن نفكر نخرج عن سيطرة القات تكون العودة إليه وكأنه نوع من السحر الذي يعيش فيه المواطن اليمني، ومكتوب على جبينه الشقاء بسبب القات.
القات أيها الناس لن يقيم دولة مدنية، ولن يساعد على تطور ونضوج عقول اليمنيين، القات سيكون عاملاً رئيساً في تراجع الرغبة في إقامة الدولة المدنية، لأن من نتائجه وآثاره تطور منظومة الفساد واتساع قاعدتها وانتشار رجالها وأعوانها في كل مكان كـ"النار في الهشيم"، القات أهدر ثروتنا المائية، القات أهدر طاقاتنا البشرية، ولوث حياتنا، وشوارعنا ولوث متنزهاتنا،وعقول أجيالنا، القات جعل الرسامين يتندرون بآدميتنا ويسخرون من واقعنا السيئ، وجعلهم يتخيلوننا أقرب إلى ماضغات العلف،القات جعلنا مسخرة أمام الآخرين، القات قضى على اقتصاد الأسرة اليمنية وتركها تتسول رغيف الخبز وتلهث وراء العيش حتى وإن كان كفافاً.. القات سبب انهيار أخلاق كثير من الأسر وضياع كثير من الأطفال، القات يغري متعاطيه بلحظات الهروب من الواقع والدخول في عالم كله سراب في سراب ينتهي بانتهاء "اللجعة"، فنحن الشعب الوحيد الذي كلنا نتحول إلى مهندسين ومنظرين بسبب القات، لكنها الهندسة والمشاريع الوهمية تنتهي بانتهاء القات،وساعة التخزينة، القات أخرج العذارى من خدورهن وأدخلهن سوقه الملعون، بل وتحولن كثير من الفتيات إلى منافسات للشباب والرجال على ارتياد أسواق القات أو ربط تواصل مع بعض باعة القات عبر "الو" هل في قات حلى؟.
القات سلاح فتاك في وجه التقدم والتطور، وفيروس خبيث في طريق النهوض بالأمة وتطورها، والقات لن يرحل من واقعنا إلا يوم أن نقلع نبتته التي في عقولنا قبل أراضينا ولن نرتاح منه إلا يوم أن يكون القات قد غادرنا وتركنا لحالنا، القات ليس من مصلحة اليمن أن تبقى على حب وعلاقة معه، ليس من مصلحة الموظف أن يكون نهاية محصوله المالي في سوق القات.. القات عدو التطور وعدو النضوج الفكري.
القات اليوم يحتاج إلى ثورة ضده من كافة الشرائح حتى المتعاطين والمتعاهدين معه على الوصال والتواصل أن يسهموا في الوقفة الموجهة ضد القات، لأنهم سيشعرون بقيمة أن يمر يوم وجيوبهم عامرة بحق القات وتصرف في رعاية أطفال لهم وبنات ونساء يمتعون أنفسهم ومن يعولون.
القات لابد أن يفارق حياتنا وليبدأ كل واحد من موقعه يرفع شعار "يوم بلا قات" وصولاً إلى حياة بلا قات..
في الأحد 15 إبريل-نيسان 2012 03:29:06 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=67816