الضالع .. قذارة أنطقت أعجم ذمار !!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

قذارة ونتانة وغوغائية لا نظير لها في أية بقعة،كأن كل قذارة وقمامة مدن اليمن جُمعت إلى أسواق وشوارع وأحياء مدينة الضالع ! كأن طفح ونتانة مجاري الدنيا مستقرها هنا في مساحة واقعة في قلب المدينة ووسط مدارس الأطفال ومستشفيات المدينة العامة والخاصة، تصوروا أية معاناة ناجمة عن تصريف المجاري إلى جوار روضة الأطفال الوحيدة وحي سكني تحاصره مياه بحيرة البجع وفق تعليق أحد الخبثاء الساخطين؟ .
في عهد المحافظ الفقيد صالح الجنيد ـ رحمه الله ـ كان مشروع المياه والصرف لمدينة الضالع قعطبة على وشك استكمال إجراءات تنفيذه من منظمة دولية أسوة بمشروعين آخرين لمدينتي سيئون وعتق وبكلفة قدرت حينه بأكثر من خمسين مليون دولار للثلاث المدن، رحل المحافظ وذهب معه المشروع الحيوي والهام .
هولندا أيضا كان أن قدمت ملايين الدولارات لأجل دراسة وتنفيذ مشروع الصرف الصحي لمدينة الضالع، ففي العام 2008م دخلت ولأول مرة هذه المحافظة المناضلة ولكن وبعيد جهود مضنية لم تستطع استكمال المشروع نظراً لمانعة المناضلين الذين جل فهمهم لمشروعات الصرف الصحي لا يتعدى (البول و....).
 هكذا يطلقونها وهكذا يفهمونها ؛ بل وهنالك من رفع بمذكرة إلى الرئيس المخلوع يطالبه فيها بوقف تنفيذ المشروع كونه يهدد الوحدة الوطنية، تصوروا مشروعاً حيوياً وصحياً وحضارياً يعد أحد ابتكارات العقل الإنساني وقد صار بهذا المعنى والفهم القاصر !!.
اليوم وبعد عشرة أعوام كاملة على أول مشروع ضائع؛ ها هو مقاول مشروع الصرف ومحطة المعالجة يمهل السلطة المحلية 90يوماً ما لم سيغادر المحافظة إلى العاصمة صنعاء كي يقول : الضالع لا تريد مشروعاً صحياً وحضارياً كهذا المعتمد له 8 ملايين دولار للمرحلة الأولى من إجمالي 30مليون دولار تم رصدها من الصندوق الأمريكي، أو ربما على الأرجح سيطلب الانتقال إلى مدينة أخرى مستحقة وجديرة بمشروع تم تصميمه وإعداده بناء وأرقى المواصفات الدولية الحديثة .
إذاً 30مليون دولار ستذهب مثل سابقها، كأن محطة المعالجة صارت محطة نووية يخشى من تسرب غازاتها وإشعاعاتها ! لا اعلم كيف باتت محطة المعالجة في الضالع سلاحاً مدمراً وفتاكاً للإنسان والبيئة والهواء والماء والزرع والضرع؟ مقلب القمامة كذلك فلولا جهود مضنية بذلت ولولا قبول أحد الملاك بتأجير مساحة في عرض جبل لبقت القمامة خطراً مستطيراً بلا مقلب ترمى فيه حتى اليوم .
إذا ما أراد الله بقومٍ سوءًا أعطاهم الجدل ومنعهم العمل) قول صاحبه الإمام الأوزاعي يماثل هؤلاء القوم (المنغمسين في جدل بيزنطي عبثي، فباستثناء مدينتهم الغارقة بطفح المجاري وأطنان المخلفات القذرة ؛ يمكنهم الخوض في قضايا الأوزون ومباريات برشلونة والريال وبرنامج إيران النووي وحتى أتفه المسائل الخلافية بين فصائل الحراك أو أحزاب المشترك .
أسأل: ألا تستحق هذه القرية الصغيرة أن تكون مدينة نظيفة خالية من الأمراض والأوبئة؟، ألا تستحق شيئاً من وقتكم المهدر عبثاً ومن نضالكم وكفاحكم وجدلكم؟ أعجب كيف أن محطة معالجة صارت أخطر من محطات بوشهر وفوكوياما وتشرنوبيل؟ لماذا لم يشكو أحداً في رداع أو زبيد أو سيئون أو صنعاء أو تعز أو غيرها من نواحي البلاد المقام فيها محطات معالجة؟ .
نعم كيف أننا نباهي ونزايد بكوننا دعاة حداثة ومدنية وحضارة فيما الواقع يشي بثمة تخلف وتبلد ورفض مطلق لكل وسائل التحضر؟ لا أدري كيف سنكون أناساً محترمين ومتحضرين ومدنيين في الوقت الذي لم نستطع تنفيذ مشروع يحترم آدميتنا المنتهكة ويجل انتمائنا لدولة عصرية ومدنية؟
أدرك جلياً بأن مثل هذا الكلام قد لا يروق هؤلاء الرافضين لإقامة مشروع حيوي، ليكن ذلك فالمهم هو تبيان الحقيقة للناس كي لا تخدعهم المظاهر الزائفة وكي يعرفوا أن فيهم من هم أسوأ من أولئك النفر المخربين لأنابيب النفط ولأبراج الكهرباء، أعتقد أن القبيلي في النهاية سينصاع للقبيلة وتقاليدها بعكس دعاة العصرنة والدولة المدنية الذين لا رادع لهم أو زاجر لعبثهم .
قبل أيام كنت في طريقي إلى مكتب البريد وإذا برجل أبكم من ذمار يبأبئ ويصرخ بغضب فيما يديه وإصبعيه تارة إلى السماء وتارة في انفيه،سألت رفيقه بترجمة لغة صديقة فأجاب: إنه يقول هذه الضالع، أين المسؤولين؟ أين المحافظ وأين المجلس المحلي؟ وأين الناس وكيف صمتوا على هذه القذارة والرائحة الكريهة النتنة؟؟
لقد نطق أعجم عابر سبيل، يا الله ما أقبح سوءتنا ! كأن هؤلاء القوم من كوكب آخر غير الأرض التي نقطنها ونرى فيها جزيرة سنغافورة يشرب سكانها من مياه الصرف المعالجة، كل خبراء البيئة والمياه والتربة والصحة يؤكدون بان لا خطر على الإنسان أو الماء أو الزراعة أو التربة من هكذا مشروعات بل وعلى العكس هنالك من الدلائل والبراهين والحقائق ما تتثبت استفادة السكان والبيئة والزراعة منها . السؤال : من يقنع لنا ثوار ومناضلي الضالع بأنهم ليسوا استثناء وليسوا أول أو أخر من يقيم مشروع معالجة لمخلفاتهم ووفق الطرق والتصاميم الحديث.
في الجمعة 11 مايو 2012 03:36:27 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68109