يوم أحرقت فيه القلوب
جواهر الظاهري
جواهر الظاهري

ذاك يومٌ لن تمحو ملامحه الأيام من ذاكرة التاريخ ولا من ذاكرة كل من عاشوا الساحة من بدايتها حتى يوم المحرقة المشؤوم.
تتوالى الأحداث وكلما خرجنا من محنة باشرتنا الأقدار بأشد منها وتأبى ألوان الأسى والحزن إلا أن تبقى هي الأبرز في لوحات أمانينا وأحلامنا
محرقة ساحة تعز كانت البداية لمآسي لازالت تتكرر يومياً في بلدٍ ألف سكانه الألم واستساغوه، بلد باتت ملامح صورته كئيبة وخطوط مستقبله لغز كلما ظننا أنا قادرون على فك رموزه وجدنا أنفسنا ندخل متاهة ليس لها نهاية ولا مخرج.
في ذكرى محرقة ساحة الحرية بتعز عاد الألم والأمل معاً يبرق نوراً خافتاً وعلى استحياء وخوف في نفوس عطشى لذكرى فرحٍ لا تشوبه ألوان الدماء، إذ كيف نجرؤ على مجرد الابتسام أمام صورٍ لأجساد طاهرة أحرقت وكأنها مجرد أكوام من ورق فقط، لأنها ذات يومٍ خرجت لتحلم بحياةٍ أفضل...
أجساد لشباب صغار لم تبلغ أمانيهم الحلم بعد ما خرجوا يحملون في صدورهم أمنية جميلة حاولوا رسمها في لوحةٍ زاهية الألوان بديعة المنظر رائعة التفاصيل، كان اسمها ساحة الحرية التي بدت كخلية نحل كل من فيها يعمل بجد وأمل حتى جعلونا نشعر معهم ولأول مرة في تاريخ هذا البلد الحزين بطعم لذيذ خالج شغاف أرواحنا العطشى لحياة تملؤها الحرية والعدل والكرامة.
في ذلك اليوم عصراً كنت هناك أنظر إلى الساحة من بعيد بعيون يملؤها الأمل والفرح معا، لأنها بدت لي في ذلك اليوم بالتحديد أكثر جمالاً وزهواً، يومها شعرت أن اسم اليمن السعيد ترتسم خطوطه الأولى من هناك وفي الأفق شعاع نور يبشر بأن القادم سيكون أجمل.
لم أتخيل ولو للحظة أن ذلك اليوم سيكون هو الأخير لساحةٍ كانت هي الأروع بين كل الساحات، إلا حين أفقت على صوت طلقات الرصاص تدوي من بعيد منذرة بقدوم الموت يسرق الأمنيات التي كانت لا تزال مغلفه داخل الأرواح.
أولئك الصغار لم يكونوا يدركون أن كبار الساسة حين يشعرون بالخوف على ملكهم يمكن أن يحرقوا الأرض بما عليها وأن أروح البسطاء لا تعني لهم شيئاً سوى أنهم يستعملون أيديهم للتصفيق لهم والهتاف بأمجادهم إذا اخرجوا إلى ساحات الاستعراض.
للكبار لغة معقدة ومصالح مشتركة وسياسات غبية وضيقة محصورة في حبهم لأنفسهم وسلطتهم وحسب، إذ لو كان فيهم شيئ من الإنسانية وقليل من سعة النظر وشيء من الحب لشعوبهم وأوطانهم لكانوا استطاعوا أن يملكوا القلوب والسلطة معاً، لكنها لعنة السياسة الغربية حلت عليهم حين نسوا أنهم مسلمون وقد أنزل الله لهم كتاباً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ليحكموا به ويستظلوا تحت شرائعه التي هي عدلٌ ورحمة للأمة أجمع.
فنرجوا الله تعالى أن يتغمد برحمته الواسعة كل من قدم روحه رخيصة في سبيل القضاء على الظلم والفساد وان يعوضه جنة الفردوس يهنأ فيها خالداً.. وأن يمن برحمته على هذا البلد وكل بلدان المسلمين..اللهم آمين
في الخميس 31 مايو 2012 02:34:47 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68315