يومٌ خاص بالبيئة اليمنية
جواهر الظاهري
جواهر الظاهري

منذ أيام احتفل العالم باليوم العالمي للبيئة لستُ أدري سبب اختيار يوم للبيئة، لكني أدرك جيداً ان ذاك اليوم لا يعنينا في شيء، فالبيئة عندنا هي آخر ما يفكر فيه رجال السياسة والحكم وأبعد ما يكون عن اهتمام رجل الشارع العادي، ذلك تحولت بيئتنا إلى مقالب كبيرة للنفايات والقاذورات وأصبحت شوارعنا ساحات واسعة للمجاري الطافحة، بالتالي فقد أصبحت مستشفياتنا هي الأكثر ازدحاماً بالمرضى على مستوى العالم ونحن أكثر شعوب العالم إصابةً بالأمراض المختلفة والخطيرة ما استفدته من هذا اليوم هو إني استمعت لتقرير في إحدى القنوات العربية عن أهم الأمراض التي يسببها التلوث البيئي وتفاجأت حين عرفت ان أكثر من 86% من الأمراض النفسية سببها التلوث البيئي وهو أيضاً السبب الرئيسي لأمراض السرطان والفشل الكلوي وأمراض أخرى لا حصر لها إذن لا تتفاجئوا بعد الآن من كمية الأمراض التي تصيب الفرد الواحد في بلادنا، فنحن باعتقادي أكثر سكان الكرة الأرضية تلوثاً وكيف لا وشوارعنا تنضح بأكوام القمامة والأكياس البلاستيكية تغطي مساحات واسعة من أرضنا وفي كل المحافظات وزد على ذلك روائح المجاري التي لا تنضب من على الطرقات وفي كل الحارات..
والعجيب ان الناس تعودوا بل وألفوا تلك المناظر حتى انك لا ترى من يتأفف من رائحة كريهة أو حتى يستنكر وجود تلك القمامات المنتشرة في الطرقات وأمام المنازل وأصبح لدى الجميع نوع غريب من اللامبالاة بالأمر وكأن شيئاً لا يعنيه، فيا ترى من المسؤول عن وصولنا إلى هذا الحد من الاستخفاف ببيئتنا والإهمال لها هل المواطن الذي أصبح يشعر انه غريب في وطنه لما يلاقيه من ضيم وظلم افقده الشعور بالانتماء إلى بلده لهذا لا يهمه لو احترقت بما فيها؟، أم أنها الحكومات التي شغلها التناحر والتنافس على جمع المال والحفاظ على المناصب فحسب أما الحفاظ على أرواح الناس وحياتهم وبيئتهم فلا تعنيهم وليست واردة في حساباتهم وحين تفتح موضوعاً كهذا مع مسؤول يتحجج بقلة الإمكانيات وشحة الموارد وما إلى ذلك من حجج واهية وكاذبة لم يعد يستسيغها احد فكم من مساعدات ذهبت هباءً وكم من إمكانيات لم يحسن استخدامها لأنه في الأساس لا نية لدى صاحب الأمر بأن يغير، لذلك نحن على ذلك الحال من سنين لا تغيير إلا إلى الاسوأ حتى أصبحت علامتنا المميزة لنا كشعب ودولة هو قذارتنا ووساخة شوارعنا.. للأسف.
وفي يوم البيئة حين يحتفل العالم ويتفاخرون بان لهم شوارع هي أجمل من حدائقنا وأنظف من بيوتنا يحق لبيئتنا في هذا اليوم ان تعلن الحداد على نفسها وان تبكي شعوباً ماتت في نفوسهم كل معاني الجمال وأصبحنا بحاجة ماسة ليوم خاص ببيئتنا المغلوبة على أمرها والتي لو كان لها من الأمر شيء لقذفت بنا خارج حدودها
وأخشى ان يأتي يوم البيئة في كل عام ونحن مازلنا نحلم فقط بشوارع نظيفة ولن يأتي يوم ونحلم مثلاً ان سموم القات منعت من دخول بلادنا أو ان الدولة - مثلاً - منعت المصانع من صنع أكياس البلاستيك أو ان اليمنيين وصلوا من الثقافة والوعي حداً كبيراً لذلك لم تعد ترى من يرمي مخلفات المشروبات أو المأكولات في أي مكان تصل إليه يده أو ان أرصفة شوارعنا زينت بالأشجار والأزهار بديعة المنظر حتى أصبح الفقير يكتفي بان يتمتع بمنظر الشوارع ولا يحتاج للذهاب إلى الحديقة، نعلم ان هذه أشياء مازالت بعيدة عنا جداً ليس لشحة الإمكانيات ولكن لشحة النفوس وانعدام الإرادة عند أصحاب الأمر وقلة الوعي عند المأمورين..
وفي يوم البيئة علينا ان نتذكر أن ديننا هو دين النظافة ودين الجمال ورسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام علمنا ان إماطة الأذى عن الطريق صدقة وأن النظافة من الإيمان وقال "لو قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" والله جميلٌ يحب الجمال يا أهل الحكمة والإيمان.
في الإثنين 11 يونيو-حزيران 2012 03:17:24 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68434