هل تخرج اليونان من منطقة اليورو؟
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

اليونانيون يواجهون اليوم مأزقاً يتمثل فيما إذا كانوا سيتحملون إجراءات التقشف المطلوبة من قبل الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مقابل الحصول على حزمة إنقاذ مالي تستخدم لسداد الديون المستحقة للبنوك وتتيح لهم فرصة البقاء في منطقة اليورو في نفس الوقت..
أم أنهم سيرفضون الموافقة على خفض الإنفاق ويفقدون حزمة الإنقاذ بالتالي وهو ما سيضطرهم لمغادرة اتحاد العملة الأوروبية والعودة مرة أخرى لاستخدام الدراخمة التي تخلوا عنها بفرصة غامرة عام 2001 بسعر 340.75 دراخمة لليورو الواحد.
والسؤال راهنا: ما هي الآلية التي تترك دولة ما بموجبها منطقة اليورو؟ مؤسسو الاتحاد الأوروبي لم يخطر على بالهم أنه سيأتي يوم تخرج فيه أي دولة عضو من الاتحاد، ونظراً للأهمية الهائلة لأستخدام عملة موحدة فإن اعتبارها أقوى رمزاً من رموز الوحدة السياسية بدليل أنه حتى وقت قريب كانت فكرة خروج اليونان في منطقة اليورو تمثل أمراً يحرم التفكير فيه من الأساس من جانب العواصم الأوروبية، وبالتالي يمكن القول أنه ليس من المرجح أن تطرد منطقة اليورو واليونان مباشرة لأنه لا يوجد أساس قانوني، لذلك من ناحية ولأن مثل هذا الإجراء سيرسل رسالة خاطئة وإن كانت أوروبا تستطيع على رغم ذلك خلق الظروف التي تجبر اليونان على الخروج من تلقاء نفسها وللحيلولة دون سقوط نظامها المصرفي ستجد اليونان نفسها مضطرة للتخلي عن اليورو والتحول لعملتها الجديدة ـ القديمة "الدراخمة" حتى تتمكن من توفير الأموال لنظامها المصرفي. ولو حدث ذلك فإنه من غير المرجح أن تتمكن من سداد ديونها أبداً.
أحد الاقتصاديين اليونانيين تحدث عن آلية الخروج من منطقة اليورو وبالقول: ترك منطقة اليورو يعني ضرورة إعلان الإفلاس اولاً، وأنه لا توجد أمام اليونان طريقة لسداد الديون المستحقة عليها باليورو من خلال استخدام أي عملة أخرى كالدراخمة،هناك سؤالان في هذا السياق: كيف سيؤثر ذلك على قيمة اليورو؟ وكيف سيتم تحديد قيمة الدراخمة في الأساس؟ لا شك أن حالة عدم اليقين المصاحبة لاحتمال إعلان إفلاس اليونان وخروجها بالتالي من منطقة اليورو ستؤدي لإضعاف العملة الأوروبية الموحدة على الأقل في المدى القصير، أما على المدى الطويل فإن العكس من ذلك هو الذي قد يحدث.
أما الدراخمة فستكون عندما يعاد استخدامها مرة ثانية عملة ضعيفة للغاية، إذ ليس هناك الكثير من الاحتياطات المالية الموجودة في الحزينة العامة اليونانية التي يمكن أن تمنح لها قيمة. والتخفيض من قيمة الدراخمة مقارنة باليورو ويمكن أن يصل إلى 50 %، علاوة عن أن البنك المركزي اليوناني سيجد نفسه مضطراً لطبع كميات ضخمة من النقود الورقية الجديدة لإبقاء البنوك طافية وهذان العاملان معاً كفيلان بإحداث حالة من التضخم المفرط.
خروج اليونان سوف يمثل سابقة خطيرة بالدليل أن هناك أعداداً هائلة من المستثمرين يريدون الخروج من سوق السندات الإسبانية في الوقت الراهن لأنهم يرون أنه إذا خرجت اليونان من نظام العملة الأوروبية فإن إسبانيا ستكون هي التالية.
هامش:
1.   الاتحاد الاقتصادي 21/5/2012م.
2.   الاتحاد الاقتصادي 25/5/2012م.
3.   الاتحاد العدد "13470" 22/5/2012م.
في الجمعة 29 يونيو-حزيران 2012 01:32:24 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68640