سايكس بيكو الجديدة
علي سليمان الدبعي
علي سليمان الدبعي

إن أزمة العقل العربي عدم اقتران الفهم بأبعاد الأحداث, والنظرة السطحية القريبة الظاهرة.
إنسلاخ الهوية لم يكن مقصوداً بالفعل من قبلنا كعرب, كما أنه لم يعط الإهتمام لما قد يترتب عليه من غياب, أو ضعف ينتج عنه عدم الإجماع في إعطاء القرارات لعم المرجعية المعرفية والوعي المتكامل، وللحقيقة مدخل الغرب إلى العرب كان من قبل إنساخ الهوية العربية والتي من مسبباتها المشهد الثقافي الإنساني المضطرب,وعامل الإنتماء الحضاري اللغوي المغيب,فكان سقوط الهوية عاملاً قوياً لسقوط العقل العربي ومن ثم كان من السهولة بمكان سقوط الحدود الفكرية,والحدود الجغرافية المصطنعة.
وحين تم تقسيم الوطن العربي في اتفاقية سايكس بيكو,كان التقسيم كطرفين على كعكة على طاولة اتفاق مؤسس مدروس غلب عليه البعد السياسي والتقسيم الجغرافي، والفترة الزمنية في ظهور طفرة للعقل العربي في التحرر أدى إلى رفع مشرط التقسيم دون اسقاطها من الأيادي الإستعمارية,ممل ظلت العين تترقب المشهد عن قرب وتصدر أجندة جديدة لتأسيس إتفاقية سايكس بيكو جديدة غير معلنة وبوجه جديد,مستفيدة من الوصايا السابقة لسايكس بيكو في نسختها الأولى,بالإضافة للتراكمات الراسبة في ذهن العقل العربي وعلى امتداد الحدود الجغرافية,وظهور تقنيات العلم والتطور الإنساني هو بحد ذاته عاملاً إيجابياً، لكنه اقتصر إيجابياته على الجانب الغربي,وبالمقابل كان عاملاً معكوساً على الإنسان العربي والأرض العربية,بسبب استخدام الحلقات الضعيفة في المنظومة العلمية, أو بالأصح الإهتمام بالشكليات وقشور الحياة.
ولهذا لم يكن من السهل أن تترك الدول الإستعمارية وصاياتها على مستعمراتها وتبتعد تماماً عن الفكرة المتجددة لاستعادتها بوجه جديد إلى تحت الوصاية، أما حروب القرن الطاحنة أو الباردة بين أقطاب القوى العظمى هو اختلاف المصالح_ التي هي نحن,وسقوط الدب الروسي اتاح لقوى أخرى بالظهور مع بقاء القوى القديمة في حالة بيات أو سبات، أو ترتيب أجندتها وأوراقها, والدليل على صحة ذلك عودة الحياة إلى شرايين القطب الروسي وبقوة مدعماً بأراء حلفاء جدد.
التأمل للحالة الراهنة أن الوطن العربي صار مقسماً في العقل إلى حد الشقاق في الجزء الواحد,قبل أن تكون الأرض الواحدة مقسمة إلى شطرين (السودان) مثلاً,أو التهيؤ إلى التقسيمن لأخرى تحت مشاريع مطروحة,بسبب اختلاف الرؤى والأفكار وتأجيج الجانب الطائفي والديني,وهذا ماميز سايكس بيكو في نسختها الجديدة عن النسخة السابقة,واللعب على ورقة الجوكر.
لن نهول الأمر، لأن الأمر واقع فعلاً ولن نسقط الرهانات الإستعمارية,لأننا جانب ضعيف نمتلك،ولا نفعل.

في الجمعة 27 يوليو-تموز 2012 02:29:38 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=68924