نكد النساء وهرم الرجال
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

كما هي العادة اتهامات متبادلة بين الرجال والنساء، فالرجال يؤكدون أن النكد صناعة نسائية والنساء يتهمن الرجال بأنهم من اخترعوا الهم والهرم.. والحق يقال إن النكديين موجودون في كلا الطرفين ومن صفات الشخص النكدي: أنه دائماً زعلان، ومكشر وغضبان، إذا جاء العيد أبكى الناس على أفغانستان، وإذا حضر عرس ذكر المعازيم بالبوسنة وأحداث الشيشان، وإذا خرج مع أصدقائه في رحلة ترفيهية ذكرهم بجونتانامو والأمريكان، وإذا سمع نكتة يعمل جاهداً على قتل الابتسامة فوق الأسنان، قائلاً كثرة الضحك تميت القلب يا "سفهان".. يعمل من الحبة قبة, ويجعل من نفسه قاضياً ومن أهل الحسبة يعسر اليسير ويكثر القليل ولا يسلم من انتقاده صغير ولا كبير، يعيش في الماضي ويخاف من المستقبل، يتشاءم وينتظر كل مصيبة ويبحث عن "العودي في رأس كل زبيبة".
نكد النساء:
والنساء موصوفات بالنكد والمرأة تعشق مهنة التنكيد على الزوج, تقول أم أدهم ارتاح جداً لما أنكد عليه, لما أشوفه "سالي" أذكره بأي حاجة تنغص عليه عيشته، قلت لها مثل ماذا؟! قالت مثلاً أشوفه جالس مخزن مرتاح وفرحان أجي أقله: الدقيق باقي له أسبوع ويكمل, الدبة الغاز مدري تكفي للعشاء وإلا لا؟!
وأخرى يأذن لها بالذهاب إلى عرس جارتها أو صديقتها وينتظر عودتها ليمتع ناظريها بما تجملت به للعرس، راضية عنه أن أذن لها بالخروج، فتعود إليه بكرب أيوب: "النسوان معاهن ومعاهن وأنا ما معيش, والله ما مظلومة إلا أنا، أنا مش عايشة, أنا مقبورة بالحياة"، كل هذا وهي تعلم أن زوجها موظف لا يكفيه راتبه عشرة أيام.
إذا طلب منها أن تغير نوعية الطعام بكل أدب تفتح له قضية أمام الكاميرا, أيش أطبخ لك؟ لا لحمة ولا دجاج والرز كمل ومافيش بالبيت حاجة, شوف أخوك وابن عمك, حتى يكره الأكل وساعات الأكل.
وبعض النساء يتلذذن بنقل الأخبار السيئة لأزواجهن، فتستقبله على الباب و قبل أن يأخذ نفسه: زوجة أخوك شتمتني، أو أمك قهرتني، ابنك " اندرب من السقف"، والثاني رسب، والثالث رجم ابن الجيران.
هرم الرجال:
والهرم صناعة رجالية بامتياز، فالرجل كثير الأسئلة والانتقادات والملاحظات والطلبات "عاد الغداء ما نحجش, ليش الباب مفتوح, غسلي القات, وجهزي الشاهي وذاكري للجهال وووو.. مائة طلب في وقت واحد ولا يعجبه شيء، طبيخك مش حلو, الثياب مش ناصعة البياض، الشاهي ناقص سكر، إذا رسب الأبناء في الدراسة أنت السبب يا مقصرة، وإذا مرضوا أنت السبب يا مهملة، وإذا نفد الطحين وكملت دبة الغاز أنت السبب يا مبذرة يا "هوره".
وإذا تعطل أي شيء في البيت أنت السبب يا مكسرة يا مدمرة، وكأنه غير مسؤول عن شيء في البيت.
 إضاءة:
 قال ناصح: أفضل طريقة لصناعة (النّكد) أن تتلمّس خبايا الألم في لحظات (الفرح).. أن نحوّل لحظات (الفرح) إلى لحظات اكتئاب بانتقاد بارد، أو نظرة (باهتة) أو سؤال (غبيّ).
 وتقول معاجم اللغة إن النَّكِدَ شخصٌ عَسِرٌ شؤوم، وإن نَكَدَ العيش يعني كدُره، وإننا إذا قلنا : (جاء فلانٌ نَكِدَاً)، فهذا يعني أنه غير محمود المجيء، وتقول القواميس كذلك إن النكِدَ هو قليل الخير، وفي الآية القرآنية الكريمة (والبلدُ الطيّبُ يخرجُ نباتهُ بإذن ربه، والذي خبُثَ لا يخرجُ إلا نَكِداً..)، وقد قال القرطبي في تفسير معنى (نَكِدَاً) في الآية : النَّكِدُ هو العَسِرُ الممتنعُ عن إِعطاء الخير.
 
في الخميس 13 سبتمبر-أيلول 2012 02:35:08 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69316