النصرة الواجبة..!!
نجيب أحمد المظفر
نجيب أحمد المظفر

حملات التشويه والاستهزاء المستهدفة لحبيبنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليست وليدة اليوم، ولن تقف عند حد طالما والمستهدف من ورائها ليس شخصاً عادياً، بل الذي استضاء الكون بطلعته، وأٌخرج الناس من متاهات الحيرة بنور رسالته، وحٌررت الإنسانية من ربقة العبودية بمنهجه وسيرته، من له انشق القمر فكان معجزة نبوته، صاحب الإسراء والمعراج والحوض والشفاعة، والغرة والتحجيل المؤيد بجبريل، الأمي الذي علّم المتعلمين، الربان الماهر الذي قاد سفينة البشرية الحائرة إلى شاطئ الهداية والإيمان برب العالمين، الممدوح على كل لسان، والمعصوم من الإنس والجان، مٌزلزل القياصرة ومحطم الأكاسرة، من خرّج من رعاة الغنم قادة للأمم، فذكره بالرحمة يفوح (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فما من بيت حجر ولا مدر إلا واستنشق من عبير ذكره الفواح، فوا عجباً لمن يذمه واسمه دال على محامده وما من أحد مدحه ممدوح بعد الله إلا هو، فالصلاة عليه جلاء للهم، وغذوة للروح، أما سيرته فبلسم للجروح. 
يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً *** حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ
حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جِيدَ البَيانِ بِهِ *** في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ
بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ *** تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ
سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ *** في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ
تَخَطَّفَتْ مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ *** وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ
ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَتْ *** مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ
أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِمْ *** إِلا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ
وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَورًا مُسَخَّرَةٌ *** لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ
مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ *** وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ
يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ *** وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ
وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُمْ بِأَضعَفِهِمْ *** كَاللَيثِ بِالبَهْمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ
فإذا كانت هذه بعض أوصاف خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم فحق لنا أن نحبه ونفخر به ونتشرف بالإنتساب لملته، وإن من مقتضيات الحب نصرته والدفاع عنه وعن عرضه وسنته وآل بيته وأصحابه، أما اليوم وقد بات أعداؤه يسيئون له عبر الرسوم والأفلام المشوهة والمستهزئة به وبأزواجه وبهديه صلى الله عليه وسلم فإن واجب الدفاع عنه يقتضي منا أن نعى جيداً أنه ما كان لهؤلاء الأعداء أن يزدروا نبينا لولا أننا أصبحنا من الضعف والاستكانة بسبب اختلافاتنا الناشئة جراء بٌعدنا عن هدى نبينا بمكان، حتى صرنا في فرقة واقتتال عٌرفنا بهما بين الأمم، فإذا كانت الشعوب من حولنا منشغلة بالأخذ بأسباب الوحدة والقوة في كل جانب من جوانب الحياة، فإن أمة الإسلام شٌغل أبناؤها للأسف باختلافاتهم وبشهواتهم وملذاتهم، حتى لكأن حديث رسول الله الذي رواه المستورد بن شداد القرشى عند عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ ». فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالاً أَرْبَعًا إِنَّهُمْ لأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ» يصدق على زماننا هذا الذي وجدنا فيه هذه الصفات متحققة في أمة الغرب لا عن دين، لكنها قيم إنسانية تنادوا لتحقيقها، في الوقت الذي غيبت أمة القرآن والسنة هذه القيم التي هي دين عندها يؤجر فاعلها ويذم تاركها عن واقع الحياة إلا ما رحم الله، وهو الأمر الذي كان له أبلغ الأثر في تبدل الحال الذي على إثره استذلت أمة الإسلام بعد عز وتمكين حتى أصبحت بلا قيمة ولا وزن بين الأمم، فتشريد وقتل وتنكيل، تلاه تدنيس للمصحف واستهزاء بسيد المرسلين، في تداع واضح للأمم علينا مثلما سبق وأخبر النبي صلي الله عليه وسلم به محذراً حينما قال: (توشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟! قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) وهنا نقول إن كان ثمة متهم أول بالإساءة إلى الدين عموماً والنبي صلي الله عليه وسلم بشكل خاص فهو نحن بتقصيرنا وبعدنا عن هدي من ادعينا حبه، مع أن المحبة الصادقة طاعة خالصة، إننا وليس غيرنا أول متهم بإلاساءة للنبي صلي الله عليه وسلم بتغييب هديه عن حياتنا وفي بيوتنا ومجتمعاتنا وفي أعمالنا وتعاملاتنا، فأين نحن اليوم من تحقيق قوله صلي الله عليه وسلم حينما سُئل ما الدين فقال:)، حسن الخلق)، بل أين نحن من هديه الذي حثنا أن نتمثله في بيوتنا حين قال:(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، ثم أين علاقاتنا الاجتماعية من تحقيق ما دلنا عليه قائلاً:(ألا أنبئكم بدرجة أفضل من الصلاة والصيام، والصدقة؟" قالوا: بلى. قال: "صلاح ذات البين، وفساد ذات البين هي الحالقة)، أما في أعمالنا وتعاملاتنا فهل حققنا النفع المشروع لنا ولعامة المسلمين وأين نحن اليوم مما حثنا عليه نبينا حينما قال: (أحب الأعمال إلى الله عز و جل سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً أو تطرد عنه جوعاً و لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهراً و من كف غضبه ستر الله عورته و من كظم غيظا و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة و من مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام و إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
إن ثمة أموراً يجب علينا اليوم الأخذ بها ذباً عن النبي صلي الله عليه وسلم وقوفاً في وجه أعدائه المسيئين له أولها: إقامة هذا الدين في واقعنا بفرائضه وقيمه ومعاملاته ونظمه
ثانيها: التمسك بسنته والإقتداء بسيرته
ثالثها: تعريف الناس بشمائله من خلال تدريسها في المساجد والمدارس والجامعات وببثها عبر وسائل الإعلام
رابعها: تنظيم الفعاليات في سبيل نصرته دون اللجوء إلى الأخلاقيات التي نهانا عنها ولو كان ذلك تحت مبرر نصرته فنصرته لا تكن إلا وفق هديه الذي علمه الصحابة يوم بدر (قال حذيفة بن اليمان ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال فأخذنا كفار قريش فقالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة فأخذوا علينا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين بالله عليهم).
خامسها: الترضي على جميع آله وأصحابه وتبجيلهم فهم من قال الله فيهم: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، إذ كيف يعقل أن نحبه ونلعن أصحابه وهم من نقلوا لنا القرآن وهم من مات وهو عنهم راض فأوصلوا لنا الدين وجاهدوا في الله حق الجهاد فإذا كانت سيوفنا قد صانها الله عن دمائهم أفلا نصن ألسنتنا عن أعراضهم، أو لسنا نعقل عن نبينا ما قال: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) فكيف لا يكون مسيئاً للنبي من يسب أصحابه وقد ارتضاهم أصحاباً، فالطيب لا يصحب إلا الطيبين والفاجر لا يصحب إلا الفجرة فماذا عسى أولئك الذين يطعنون في أصحاب النبي عند هذا أن يقولون ألم يتبين لهم أنه لا فرق بين ذاك الذي سب النبي في أمريكا وبينهم.
سادساً: العمل على إشاعة أخلاقه في تعاملاتنا مربين عليها أبناءنا وبناتنا
سابعاً: إن من نصرتنا له وبالأخص في تلك البلاد التي حدثت فيها الإساءة أن نعمل على دعم نشر الكتب المعرفة بسيرته لنجعل من هذه الحادثة فرصة لنا نعرف من خلالها بنبينا علّ الله أن يدخل بسيرته أمماً في هذا الدين.
ثامناً: الإكثار من الصلاة والسلام عليه والانشغال بمدحه بدلاً من مديح الناس.
في الأربعاء 19 سبتمبر-أيلول 2012 02:34:51 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69376