في ذكرى وداع الروح..
طارق فؤاد البنا
طارق فؤاد البنا


إهداء : إلى روح الشهيد د. أشرف المذحجي
هل سمعتم عن كيفية الكتابة في وداع الروح، وفي رثاء القلب، وفي نعي المشاعر والأحاسيس، أقسم أنني لم أسمع بهذا من قبل، ولكني أشعر أن هذا هو ما أنا واقع فيه الآن.
إذ كيف لي أن أكتب عن وطنٍ بحجم (أشرف)، أم (أشرفٍ) بحجم الوطن، كيف لي أن أدبج السطور، وأنمق الحروف، وانتقي الكلمات، واصطفي العبارات، وكل مشاعري وحواسي تضطرب، وكيف لها أن لا تضطرب والمقصود من كل هذا هو... أشرف.
أشرف.. الذي أراد لوطنه الحياة، حتى وإن كان الثمن فقدانه لحياته..، أشرف الذي وهب نفسه (رخيصة) مقابل مطلبٍ (ثمين) وهو حرية وكرامة وطنه.. أشرف الذي غادرنا وهو في ريعان الشباب ليجعل وطنه يعيش (ربيعاً) جميلاً - بعد (شتاء) طال أمده- بزوال من حكموه بكل المساوئ على اختلافها، فحلت عليهم لعنة أشرف ورفقاء دربه من الشهداء فذهبوا كأوراق (الخريف) المهترئة.. ذهبوا وبقي أشرف خالداً في قلوبنا.
لا أدري ماذا أكتب، وما أقول، فالحروف تختفي من أمامي، ولا أجد ما يمكن أن أخط به كلاماً مفهوماً إلا دموعي، فالدموع هي كل ما أملك الآن.. أريد أن أبكيك يا أشرف حتى الثمالة، إذ أنه لو كان البكاء مقياساً للحب لبكيتك حتى يمل البكاء مني، وتجف الدموع من عيني، ولكنه لم يكن كذلك.. فالإله قد جعل لنا الصبر مخرجاً من مثل هكذا صدمات، وعزاؤنا في فقدك أنك ارتقيت إلى جوار ربك، ولو أننا كنا نحتاجك إلى جوارنا، ولكنها حكمة الله...وهو أحكم الحاكمين.
أشرف يا صديقي، مصائب الدنيا كثيرة، ولكن مصيبة فقدك حلت على قلبي بحجم السماء التي لا نرى بدايتها من نهايتها، رحيلك أخذ (البسمة) من شفاهنا رغم إيماننا بالقدر الإلهي، ورغم يقيننا بأنك في أوسع دار، رغم ورغم...، رغم كل هذا كيف لا نحزن وأنت المفقود، كيف لا نحزن وفيك فُجعت قلوبنا، كيف لا نبكي و(أشرف) من رحل عنا.. من يفقد مثلك يا صديقي وجب عليه أن يحزن كثيراً، رغم أني لم ولن ألقى أحداً بمثل روحك النقية وابتسامتك العذبة وقلبك الصافي وعشقك المجنون لوطنٍ ينعم بالحرية ويعيش بكرامة !
كم كان القدر شديداً علينا، لقد أراد أن يختبر إيماننا بأخذك منا، أراد أن يجعلنا نتذوق طعم الحياة المرير بدون (سُكر) ابتسامتك، أراد أن يختبر رجولتنا وصبرنا عند الشدائد، أراد أن يظهر لنا كم هو ابن آدم ضعيف، إذ بمجرد مفارقة عزيزٍ على قلبه يشعر بأنه لا داعي لوجود قلبه أصلاً، فما الحاجة إلى قلبٍ رحل ساكنوه، وما الداعي له إذا كان فقط سيذكرنا بأطلال الراحلين، وسيجعلنا نذرف الدموع بلا نهاية...!
أشرف يا صديقي الراحل..سلامٌ عليك يوم وُلدت، ويوم انتقلت إلى جوار ربك، ويوم تُبعث حياً..!
 
في الخميس 20 سبتمبر-أيلول 2012 03:12:36 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69384