أجيبوا ياسمين قبل الإعدام
أحلام القبيلي
أحلام القبيلي

 لطالما سمعنا هذه العبارة ترددها أفواه النساء قبل الرجال ويقصدون بها البنات " اللي هن ألطف الكائنات" البنات كسارت الظهور وليت شعري من الجاني ومن المجني عليه من الكاسر وظهر من المكسور؟ مسكينة هي الفتاة هذا المخلوق الضعيف اللطيف، إنها المتهم الوحيد دون ذنب جنته سوى أنها خلقت أنثى، حيث تظل متهمة دائماً وأبداً حتى تثبت براءتها فهي أحبولة الشيطان، وجالبة العار، ومكسرة الظهور.
 وتظل الفتاة في نظرهم عبئاً ثقيلاً في جميع مراحل حياتها وعورة لا يسترها إلا القبر حتى قال قائلهم:
 أحب بُنيتي وددت إني
 دفنت بُنيتي في قاع لحدِ
 فان زوجتها رجلاً فقيراً
 أراها عنده والهم عندي
 وإن زوجتها رجلاً غنياً
 فيلطم خدها ويسب جدي
 سألت الله يأخذها قريباً
 ولو كانت أحب الناس عندي
 إذا تزوجت وكان العيب منه فإنه لا يصدق أبداً ويسارع للزواج بغيرها إذا زوجها أبوها وكان الزوج الذي أجبرها على الزواج منها غير كفؤ يلطم خدها ويسب جدها فهي المدانة.
فإذا قررت الصبر فهي في نظرهم مدانة لأنها أهانت أهلها، وإذا طالبت بالطلاق فهي مدانة لأنها أيضاً أهانت أهلها وأصبحت مطلقة، بل إذا عافها زوجها ورغب في غيرها وطلقها دون سبب فهي المدانة، وإذا تعرضت للأذى بالتحرش أو الاغتصاب فهي المدانة، وإذا دافعت عن شرفها وعرضها وقتلت من حاول الاعتداء عليها فهي مدانة، وفي كل الحالات هي مدانة.
 لك الله يا مظلومة:
 ياسمين فتاة في مقتبل العمر كانت تحلم بعيش هنيء ومستقبل واعد، فهي حتماً ستتزوج وستنجب
وسيكون لها منزل تملؤه سعادة وفي يوم من الأيام حاول احد الذئاب البشرية أن يعتدي عليها ويدنس عرضها فما كان منها إلا أن أخذت آلة حادة وضربته بها على رأسه فخر ميتاً قبل أن ينال مبتغاه وهنا انتهت قصتها وانتهت حياتها نعم انتهت قبل أن تبدأ، فقد ألقي القبض عليها في جريمة قتل وحكم عليها بالإعدام دون النظر إلى دوافع القتل إعدام معنوي وإعدام حسي، فبمجرد القبض عليها سارعت الأسرة إلى التبرؤ منها وهي الآن تقبع خلف القضبان تموت في اليوم مائة مرة, تجلس الساعات الطوال تتذكر أحلامها، وكيف انتقلت من بيتها إلى السجن بدلاً عن القفص الذهبي الذي كانت تتمناه، تسال نفسها كل يوم : ما الجرم الذي ارتكبته" ما الذنب الذي اقترفته ؟ وماذا كان يجب أن افعل؟ هل اسلم نفسي لذلك الكلب ؟ حتى وان فعلت سألاقي نفس المصير، بل سوء المصير في الدنيا والآخرة، ماذا لو كنت صرخت واستنجدت ؟ وتجيب عل نفسها حتى وان فعلت ذلك سألاقي نفس المصير والموت هو النتيجة، لماذا تبرأ أهلي مني وقد رفعت رؤوسهم حيث لم أسلم نفسي ودافعت عن شرفهم؟.. أسئلة كثيرة تعيدها وتكررها كل يوم ولا تجد من يجيبها فتجيب على نفسها وتسأل نفسها أيضاً ماذا لو كان أخي مكاني وحاول أحدهم أن يعتدي عليه فقتله؟ حتماً ستقف العائلة والأصحاب والأحباب معه وسيبذلون الغالي والرخيص من اجل إخراجه وسيعتبرونه بطلاً قومياً وما تريد أن تعرفه ياسمين قبل أن تلقى وجه الله هو إجابتكم على سؤال واحد: ما الذي كان يجب عليها أن تفعله؟.
 
في الجمعة 28 سبتمبر-أيلول 2012 12:48:48 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69463