أبتسم أنت في اليمن
فهد علي البرشاء
فهد علي البرشاء

عبارة نسمعها كثيراً ويرددها الكثيرون في حلهم وترحالهم, ليس اعتزازاً أو فخراً أو ابتهاجاً ولكن من باب التذمر والاستياء وعدم الرضى عن شيء.. لأن في اليمن دائماً تقلب الحقائق وتسلب الحقوق وتنتهك الأعراض ولهذا تجد الابتسامة حزناً هو الغالب دائماً, فحينما تحل بالمواطن البلايا والمحن وحينما تكثر المصائب والنكبات,وحينما يقتات الغلابى الهم ويشربون الدموع فالأجدر بهم أن يبتسموا حزناً وألماً وليس فرحاً وطرباً..
وحينما نقول "إبتسم أنت في اليمن" فنحن نعي ما نقول لأن التجارب والوقائع التي نعيشها هي من جعلتنا نقول تلك العبارة التي ظاهرها التفاؤل وباطنها الأسى والحزن.. فالغالبية العظمى من الشعب يعيشون على مضض ولم يعد الوضع والواقع اليمني يلبي احتياجاتهم ويدعون للتفاؤل لأنك إن لم تبتسم حينما تحل بك البلايا والمشاكل والأزمات والصراعات والجرعات فلا محالة ستموت كمداً وغيضاً,إن لم تبتسم حينما يحولك الساسة إلى فئر تجارب وأهداف لمناكفاتهم ووسيلة لصراعاتهم وأداة لخلق الأزمات وحجة للعبثية والفوضى والهمجية,ويداً للتسول في دول العالم فستحل بك مصيبة القهر والحسرة على ذلك الواقع المزري.. إن لم تبتسم وأنت تشاهد من يتصارعون على الكراسي يخطبون ودك ويستميلون عطفك من أجل مآربهم وغاياتهم وأهدافهم فلن تقلك أرض أو تظلك سماء.. إن لم تبتسم حينما تسمع خطابات معسولة وكلمات رنانة ووعوداً كاذبة ومشاريع وهمية وأمنيات مستحلية فمصيرك الهلاك والزوال وتقلب الحال وسوء المآل..
إذا لم تبتسم حينما يرتقي الفاسدون ويسطع نجم النافذين ويلمع نجم المخربين ويبجل ويعظم ويقدس من ينهبون فحينها فلترتكن في منزلك لأنك ستجابه واقعاً لن يرحمك.. إن لم تبتسم وأنت تشاهد بأم عينك حقك يسلب بأساليب ملتوية وطرق ممقوتة ومذمومة فلن تنفعك الحسرة والعويل والبكاء..
إبتسم لكل شيء، للكذب، للزور، للتظليل، للنفاق، لكل من يتلاعب بمصالح الشعب، لكل من ينهب ثرواته وكل من يستغل خيراته وكل من يعبث بمصالحه وكل من يقتل أبنائه وكل من يدمر ويهد ويدك منازله وينشر الفساد في أرجائه..
إبتسم لأننا أصبحنا هدف لقصف المدافع والطائرات ولعبة بيد أهل الشر والنزوات وكل من أراد أن يصنع له مكاناً أو منصباً أو يصل لغاية أو هدف أو مآرب..إبتسم فأنت تمسي جائعاً يعتصرك الألم ويجمد أوصالك البرد وسادتنا يأكلون ما لذ وطاب ويلتحفون الحرير والديباح.. إبتسم فحينما تشرد أو تنزح أو تتألم أو تتوجع أو تبكي لن يشعر بك أحد أو يواسيك أحد أو يقف بجانبك في محنتك أحد,بل إنه لا يدري أحد من سادتنا بما حل بك..
إبتسم فحينما تكثر المشاكل وينتشر الفساد ويعم الخراب لن يدفع الثمن غيرك أنت أيها "الغلبان" تارة بالجوع,وتارة بالمرض وأخرى بالقتل والتنكيل..ابتسم فأنت في وطن ارتضى له من يتناحرون على الكراسي والمناصب الخراب والدمار والفوضى والعبثية والفقر والبطالة والجوع,ولا يهم أن يرتقي أو يتطور أو يزدهر يوماً.. إبتسم لأن حسراتك وآلامك وأوجاعك وبال عليك أنت دون غيرك ولا يكترث أحد بضياعك أو دمارك..
إبتسم فوطني الذي يحلم به شعبي لم يعد وطني وليس له ذنب فيما يجري لأنه بات مسيراً بيد من يملكون زمام الأمر والقرار ويفصلون سياسته وحياة شعبه كيفما يشاءون ويشتهون...إبتسم فقط ولا تكترث بشيء فأنت في اليمن..
 

في الإثنين 29 أكتوبر-تشرين الأول 2012 12:09:33 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=69777