كيف يكون الاختلاف رحمه ؟
جواهر الظاهري
جواهر الظاهري

خلق الله سبحانه وتعالى البشر مختلفين ليس فقط في اللون واللغه والدين فحسب ولكن ايضا على مستوى التفكير والوعي والنضج ، وهذا الاختلاف هو ما يولد التنوع والتميز ويجعل للحياة الوان مختلفه ومثيره تؤدي الى المزيد من العطاء والابداع
وحين يختلف إثنان على مسألة ما فيجب ان يوجه ذلك الاختلاف بطريقه تثري تلك المسأله وتجعلها تبدو اكثر وضوحا ونضوجا ولكي نصل الى هذا المستوى من ادراك المعنى الصحيح للاختلاف علينا أن نتعلم اولاً حسن الاستماع والانصات الجيد للطرف الاخر بقلبٍ مفتوح وذهن صافي واعطاءه مساحة حريه كافيه يستطيع من خلالها ايصال فكرته بشكل كامل وصحيح لانك حين تنظر الى موضوع من زاويه معينه هي كل حدود ادراكك تبقى بلا شك زوايا اخرى لن تستطيع وحدك الالمام بها لذلك تحتاج دائماً لمن يشاركك الرأي وينظر من الجهه المقابله وبالتأكيد سيرى مالا تراه وهنا يكون الاختلاف رحمه وذو فائده عظيمه لو أن لنا قلوبُ نعقل بها حينها لن يؤدي الاختلاف الى مانراه الان في حال المسلمين من تشبث بالرأي الى الحد الذي ادى إلى كل هذا التناحر والفرقه حتى على مستوى الوطن الواحد
في قصة النبي عليه افضل الصلاة والسلام مع صاحبيه ابو بكر وعمر رضي الله عنهما حين استشارهما في مايجب فعله في اسرى بدر وهو الرسول المتصل بالسماء بالوحي والتوفيق اشار عمر بقتلهم وكان تعليله لذلك بإنهم اخرجوا النبي من دياره وقاتلوه واشار ابابكر للنبي بإن يعفو عنهم وكان تعليله انهم أهله ولعل العفو عنهم يكون سببا في دخولهم في الاسلام فعمل النبي عليه الصلاة والسلام بمشورة ابابكر رضي الله عنه وارضاه ولم يغضب ذلك عمر ابدا وكانا على ذلك الحال طوال صحبتهما وسؤال النبي لم يكن جهلا ولكن ليعطينا درسا في التشاور والاختلاف والاخذ بالرأي السديد في نهاية الامر . وكما قال الشافعي رحمه الله (رأيي صواب يحتمل الخطأ ،ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) وفي هذا الموقف منتهى الرحمه وغاية العظمة وكمال الرقي في التعامل والتحاور بين قائد ومستشاريه وبين نبي وصاحبيه وهو ما يجب أن يكون بين إنسان وآخر
لنتعلم ان الحوار يختلف تماماً عن الجدال فالاول هو الاخذ والعطاء القول والسمع استمع اليك واعطيك فرصه ومساحه كافيه لتقول رأيك بكل حريه لاني حين افعل ذلك اكون قد اعطيت لنفسي ايضاً المزيد من المعرفه والفهم اكتسبه من خلالك اما الجدال فلا يؤدي الا الى المزيد من التنافر والتباغض لان كل واحد لا يسمع الا نغمة صوته فحسب وهي بالنسبه له الافضل والاصح وماعداها من اصوات ليست سوى نغمات نشاز عليه ان يصم اذنيه عنها .فمتى ماأتقنا فن الحوار بأسسه الصحيحه وسمونا بأنفسنا عن مساوئ الجدال وما يسببه من تنافر وتباغض استطعنا أن نجد الحل الامثل لكل ما يقف عائقاً في طريق تقدمنا .

في الجمعة 14 ديسمبر-كانون الأول 2012 05:25:47 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=70253