البطالة في المنطقة العربية.. معدلات عالية
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

البطالة تعد مشكلة عالمية، حيث أنه من ضمن (3.3) مليار شخص مجموع القوى العاملة هناك (200) مليون عاطلون عن العمل و(900) مليون يعيشون مع عائلاتهم على أقل من دولارين يومياً وهو خط الفقر.. وتتوقع منظمة العمل الدولية دخول (400) مليون شخص جديد سوق العمل في السنوات العشر المقبلة ويوجد (75) مليون شاب عاطل عن العمل حول العالم.
وفي دول المشرق العربي سجل معدل البطالة 11.2% في عام2005م، بدأ بعدها اتجاهاً تنازلياً حتى بلغ 9.9% في 2010م ولكنه عاد وارتفع إلى 10.2% في 2011م ويتوقع له أن يرتفع إلى 10.3% في 2011م.. وبلغ معدل البطالة في شمال أفريقيا 13.3% في عام2000م، بدأ بعدها اتجاهاً تنازلياً حتى سجل 9.6% عامي 2008 و2010م، لكنه عاد وارتفع إلى 10.9% في 2011م، ويتوقع له أن يرتفع إلى 11% في 2012م.. ويعتبر الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإقليمان الوحيدان في العالم اللذان تجاوز فيهما معدل البطالة 10% خلال الفترة 2000 ـ 2011م.
ويعتبر الشباب، خصوصاً الشابات، الضحية الأكبر لهذه الحالة، ففي الوقت الذي تقدر نسبة البطالة بين الشباب في العالم بحدود 12.5% خلال 2000 ـ2011م بلغ معدلها في دول المشرق العربي 25% وفي شمال أفريقيا 26%.. وتواجه النساء بوجه خاص وضعاً صعباً في سوق العمل العربية، مع العلم أن نسبة البطالة بين النساء على مستوى العالم نحو 6.4% خلال الفترة 2000 ـ 2011م بلغت نسبتها في دول المشرق العربي 18.8% وفي شمال أفريقيا نحو 19% وتعتبر هذه المعدلات هي الأعلى على مستوى العالم، حيث يعزى هذا الوضع المتردي لعمالة النساء في الدول العربية إلى مزيج من العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الأمر الذي يمثل خسارة كبيرة للاقتصادات العربية.. واعتبرت زيادة البطالة بين الشباب في العقدين الماضيين خصوصاً بين خريجي الجامعات الدافع الرئيسي للانتفاضات الشعبية التي بدأت في تونس وانتقلت شراراتها فيما بعد إلى العديد من الدول العربية الأخرى، لكن الأحداث التي أعقبت تغيير الأنظمة فرضت ضغوطاً إضافية على سوق العمل من خلال تأثيراتها السلبية في معدلات النمو الاقتصادية.. الأحداث في تونس وليبيا ومصر سببت في إرباك نشاطات الإنتاج والتصدير واضطراب الأسواق المالية وضعف العملة وهروب رؤوس الأموال إلى الخارج وارتفاع معدلات التضخم، وبسبب الاضطرابات التي أصابت الإنتاج وتردي الحالة الأمنية انخفض حجم الاستثمارات ويتوقع أن تستمر كذلك لفترة أطول، وستكون هذه التحديات حقيقية بالنسبة لمصر وتونس اللتين تعتمدان بشكل كبير على الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة وستؤثر انخفاض هذه الاستثمارات سلباً في إيجاد فرص عمل جديدة.. لذلك يتوقع أن تظل معدلات البطالة عالية كما كانت الحال في النصف الأول من 2011م ويمكن توقع الأسوأ إذا لم تتمكن الحكومات الجديدة من إيجاد حلول مناسبة..
ولا يزال هناك أمل في أن تنتهي الآثار السلبية ويعمل التحول السياسي على وضع أسس أفضل للاستخدام ويضع سياسات ناجعة لسوق العمل ويشمل الجماعات المهمشة من خلال تحسين أنظمة الحماية الاجتماعية وتمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً..
مشكلة البطالة في الدول العربية لها أسباب عديدة، في مقدمتها أنظمة التعليم والتدريب وضعف ارتباطهما بنوع المهارات المطلوبة في سوق العمل، هناك ضعف العلاقة بين ما يتعلمه الشباب من مهارات ومعرفة وبين متطلبات سوق العمل، المشكلة هي أن هذا التعليم والتدريب لا يتماشيان ومتطلبات سوق العمل..
وتبلغ نسبة البطالة بين خريجي الجامعات 43% ومشكلة البطالة في الدول العربية هي جزء من مشكلة أكبر تتصف بها أسواق العمل فيها، تتمثل بقلة عدد فرص العمل المتاحة وضعف مناخ الاستثمار والافتقار إلى معدلات نمو مستدامة وصغر حجم القطاع الخاص والقيود المشددة عليه، ارتفاع معدلات السكان.. ومعالجة البطالة تستوجب أساليب طويلة الأمد يأتي في مقدمتها التفكير بأساليب تنمية جديدة تشجع تنافسية الإنتاج العربي في السوق العالمية وتنقل الاقتصادات العربية من الاعتماد على السلع إلى الاعتماد على المعرفة.
هامش:
1.   الحياة العدد (18160)23/12/2012م
2.   الحياة العدد (18164)27/12/2012م
 
في الأربعاء 06 فبراير-شباط 2013 03:13:20 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=70765