الحوار الوطني.. والوطن المشترك
جلال الحزمي
جلال الحزمي

ليس غريباً أو أمراً مرفوضاً أن يكون الجالسون على طاولة الحوار الوطني المزمع تدشينه بعد أيام في18مارس - آذار الجاري مختلفين في رؤاهم وأفكارهم وأيدولوجياتهم ونظرتهم للأمور والقضايا المطروحة والحلول المقترحة من قبلهم ووجهة نظر كل واحد منهم وأشياء أخرى من هذا القبيل الذي يكون من الطبيعي أن يختلفوا فيه.. لكن ما ليس طبيعياً ويكون أمراً مرفوضاً الاختلاف فيه هو هذا الوطن الذي يُظلـّنا جميعاً ونشترك فيه ونتقاسم جميعنا حبه وأوجاعه وأحلامه.
وبما أن الحوار الوطني فرصة وطنية تاريخية للخروج من هذا المأزق ألذي أوصلتنا إليه تراكمات وأخطاء سياسية جعلتنا ندور في حلقة مفرغة إلاّ من البؤس والشقاء.. فسيكون هذا المؤتمر مرحلة مفصلية في تاريخ البلاد ونجاحه نقطة انطلاق وقاعدة نبني عليها دولتنا المدنية المنشودة التي تحترم المواطن والأنسان أولاً.. ويكون الجميع متساوين في نظر قانونها... دولة تضمن للمواطن حريته وكرامته وكل حاجيّاته.. وكل هذا مرهون بنجاح هذا المؤتمر.. والمؤمّل منه أن يزيل كل العوائق والعوالق التي وقفت وتقف حاجزاً بيننا وبين دولتنا المنشودة 0
وفي ضوء ما سبق ينبغي على كل الأطراف الذاهبين لمؤتمر الحوار والجالسين على طاولته أن تكون وجهة قلوبهم هو هذا الوطن.. وشغلهم الشاغل همومه وقضاياه العالقة.. وكيفية وضع الحلول للمشاكل والقضايا التي أثقلت وتثقل كاهل هذا الوطن وتعيقه عن التقدم والسير نحو مستقبل أفضل نحلم به جميعاً، ولو أن طرفاً واحداً جلس على طاولة الحوار وفي قلبه همّ آخر وفي باله حسابات أخرى وفي أجنداته ما ليس في مصلحة الوطن فسيكون هذا الطرف بمثابة عجلة مُعطـًلة لعربة تحاول السير والتقدم، فيغدو الأمر صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
من هنا يجب علينا جميعاً وبالأخص الرئيس هادي.. واللجنة الفنية المكلفة.. تجاهل كل صوت يحاول أن يشوش على مسيرة الحوار باختلاق المشاكل ووضع العراقيل والعقبات في طريق تقدمه ونجاحه.. والوطن كفيل بإزاحته من المشهد وفضحه أمام الشعب.. والتاريخ لا يرحم ولا ينسى وفي صفحاته قائمة سوداء تسمى (مزبلة التاريخ) مكتضة بأسماء من باعوا أوطانهم وخانوا شعوبهم إما لمصلحتهم الشخصية أو لأعداء أوطانهم في الخارج والداخل أو رضوخاً لأحقاد وضغائن مستفحلة في صدورهم..
ولكن يظل أملنا كبير في أن تذهب جميع الأطراف لمؤتمر الحوار وقبلة قلوبهم هي هذا الوطن المثقل بالهموم.. وقبل هذا يجب أن تتوضأ قلوبهم من أي أحقاد ورواسب وكراهيات قد تعكر صفو هذا الحوار وتزرع الأشواك في طريق المتحاورين وتشوش على الرؤية الصحيحة للقضايا العالقة وكيفية معالجتها ووضع الحلول المناسبة لها..
وإذا كان الشهداء قد ضحّوا وقدموا أرواحهم في سبيل هذا الوطن وتقدمه ومن أجل أن ينعم هذا الشعب بالحرية والكرامة، أفلا نضحي نحن وأطراف الحوار بالدرجة الأولى المعنيون بانتشال الوطن المثخن بالجراحات والمضي به إلى شاطئ النور والأمان.. فيقدمون التنازلات لبعضهم في بعض الأمور وتغليب مصلحة الوطن على كل المصالح الشخصية أو الحزبية أو المذهبية أو المناطقية.. ومن أجل هذا الشعب المغلوب على حزنه وتعاسته.. هذا الشعب الذي ظل يعاني لعقود– ومازال - بسبب قيادات آثرت نفسها ومصالحها عليه وتركته نهشا لسباع الفساد؟!
 وأنا هنا أقول لهم كما أن التاريخ - كما أسلفنا – لديه قائمة سوداء (مزبلة)، ففي صفحاته أيضاً قائمة بيضاء يخلد فيها أسماء الذين خدموا أوطانهم وضحـّوا من أجلها وسعوا في مصلحة شعوبهم، وخلـّدتهم الشعوب في ذاكرتها..
أخيراً..أيها القادمون لمؤتمر الحوار الوطني هذه أمانة وضعها الشعب في أعناقكم، فاتقوا الله في هذا الشعب الموجوع وكونوا عند حسن ظنه وجميل أحلامه وعلى قدر المسؤولية الملقاة على عاتقكم.
شُرفة :
صلاة الحب خالصة
 لوجهك أنت ياوطني
خبأتك في دمي ألقاً
 يفيض عليّ بالمزُن
واسمك صار أغنيتي
 وحبك قد غدا سكني.
في الإثنين 11 مارس - آذار 2013 03:24:11 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=71093