الحوار أُسس ومبادئ
محمد حسين زبارة
محمد حسين زبارة

ما الذي يريده المتحاورون؟ حوار أم جدال؟ قبول أم رفض؟ تسامح أم تصادم؟.. لا يختلف اثنان من العقلاء على أن المطلوب هو الجانب الإيجابي لكل المتناقضات أعلاه، فالإنسان السوي بفطرته يسعى إلى المحبّة والقبول والحوار وفي حال وجد أشخاص يريدون عكس الفطرة والمنطق فلا مكان لهم من الحوار.
إن الحوار قيمة إنسانيّة حضاريّة بامتياز وتتطلّب من كلّ إنسانٍ مهما كانت أفكاره وأيا كان انتماؤه أن ينفتح على الآخرين ويقبلهم كما هم وحيث هم ولا يحقّ لأيِّ إنسانٍ أن يرفض أيَّ إنسانٍ آخر فاللّه خالق الجميع مع إيماننا بأن الثوابت الوطنية والدينية لا يختلف عليها أحد من أبناء الوطن وحتى إن وُجد من له رأي في هذه الثوابت يخالف المجموع، فبالحوار وحده لا شك أننا سنصل إلى الحلول المناسبة فالقواسم المشتركة هي الغالب على أية حال فإذا أخلص المتحاورون فسوف يبلغون إلى معرفة الحق فالله تعالى هو الحق وهو الهادي إليه.. إن إدراك حقيقة الحوار أمر في غاية الاهمية خصوصا عند السياسيين الذين لم يسعفهم الحظ في إيجاد نظام سياسي يتفق عليه أبناء الوطن الواحد فكل الناس يؤمنون بأهمية الحوار وإن كان اختلافهم سنة قدرها وقضاها رب العالمين لحكمة عظيمة وغاية جليلة، قال تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ).. ولكن الخلاف على موضوعات وأليات وتفاصيل الحوار وليس على أصله وهنا ممكن نورد بعض القواعد العامة للحوار التي ينبغي مراعاتها أثناء الحوار:ـ
1- تحديد الهدف من الحوار.
2- أن يكون المتحاورون على علم بموضوعات الحوار ولديهم القدرة على توضيح غاياته ورسم أهدافه بصورة صحيحة.
3- الاستفادة من النماذج الناجحة في هذا المجال أياً كانت جنسيتها، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها.
4- الانصياع للمنطق وتحكيم العقل عند النقاش، لكي نصل إلى الحلول التي نبحث عنها لنتجاوز المشاكل ونبني اليمن الجديد.
5- الدراسة الدقيقة والمنهجية لكل النماذج في الحوار على مر التاريخ، لأننا نؤمن بأن التجارب التراكمية هي دليل إرشادي يستنير بها أهل الحوار.
6- لابد من مراعاة حسن التعامل والمناقشة بين المتحاورين ليكون للحوار قبول، لأنَّ الأساس في الحوار هو الدعوة وإقامة الأدلة على صحة ما نتحاور عليه ووجوب الانقياد له ونبذ الخلاف والفرقة وفق لغة علمية ومنهجية سليمة وواضحة.
وللحوار الجاد والبناء خصائص من الأهمية بمكان أن يتحلى بها المتحاورون من أهمها:
1- القول بحرية تامة بغض النظر عن القائل ودون خوف من ابداء الرأي ثم النزول بعد ذلك للرأي المجمع عليه برغبة وقناعة.
2- تجنب الانكار والتهميش لأي رأي أو التقليل من شأن صاحبه ومنع الكراهية وبث روح الاخاء بين المتحاورين.
3- الحرية الفكرية والحزبية والمذهبية لكل متحاور وأن يكون أساس الحوار المصالح المشتركة وتغليب مصلحة الوطن وجعلها فوق كل اعتبار.
4- البعد عن العنف والإرهاب والتطرف والتدخل في خصوصيات الآخر، لأن كل هذا مناف للاحترام الذي ينبغي أن يسود بين أعضاء الحوار.
5- التعاون على تحقيق القيم المشتركة وأن يكون اللقاء فرصة كبيرة للتعارف بين المتحاورين وإزالة العقبات واللبس الحاصل بين مكونات المجتمع بسبب الفرقة والنزاع وعدم توفر الفرص للقاء بين الخصوم وعندي قناعة كبيرة أن كثيراً من الخلافات الشخصية سوف تنتهي ويسود الحب والاخاء إن صدقت نوايا المتحاورين.
6- نسيان الماضي والتخلص من آثاره، والاعتذار عن أخطائه.
7- إبراز أوجه الاتفاق، وترك نقاط الاختلاف.
إن الآمال المعقودة على الحوار كبيرة وبالذات إذا كان من أجل الوطن وليس لدي شك من أن الجميع يقدرون آمال وطموحات شعبهم، فإما أن يسجل التاريخ ما قدمه المتحاورون لشعبهم بأحرف من نور وإلا فهي لعنته لهم للأبد، أما اليمن فالله حافظها وحاميها ولله الامر من قبل ومن بعد.

 
في الأربعاء 20 مارس - آذار 2013 03:28:37 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=71195