عاصمة القمامة
عبدالعليم الحاج
عبدالعليم الحاج

الأسبوع الفارط دشنت السلطة المحلية بحضور وزير الثقافة أولى فعالياتها الثقافية، فيما المدينة كانت وما تزال غارقة بالقمامة وسماؤها ملبدة بالدخان المتصاعد من مختلف أحياءها بعد اضطرار المواطنين إلى حرق مخلفاتهم وهي الطريقة التي يلجأون إليها لمواراة سوءة السلطة المحلية وصندوق النظافة والتحسين مع كل عملية إضراب لعمال النظافة المطالبين بالتثبيت منذ عامين.
بينما المحافظ يبدو مشغولاً هذه الأيام بالمؤتمرات (يا نعمة الله دومي) خاصة الرياضية منها والمشغول لا يشغل والرجل لم يقصر، فقد أحضر خبراء في الرياضة من مختلف البلدان العربية لمناقشة أوضاع الرياضة والهزائم التي تتلقاها المنتخبات اليمنية بالجملة والتجزئة وكان الأولى أن تسخر الملايين التي أنفقت في مؤتمر الرياضة الأول على تحسين المدينة ورفع المخلفات ولأن وعد الحر دين عليه فقد وعد المحافظ بتحويل المدينة إلى دبي الثانية وها هو الوعد قد طوى عامه الأول، فلا دبدبة ولا يحزنون والمدينة من سيء إلى أسوأ لا طالت بلح الشام ولا عنب اليمن ولسان حالها (ارحبي ياجنازة فوق الأموات)
أي عاصمة للثقافة وهي تعيش انفلاتاً أمنياً غير مسبوق وتشهد عمليات قتل وسطو ونهب لممتلكات المواطنين بشكل يومي في ظل غياب تام للسلطة المحلية وأجهزتها الأمنية، بينما يفوق عدد المسلحين في شوارعها بعشرات المرات ممن يقتنون أدوات المعرفة من كتب وصحف ومجلات.. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وقبل أن تحتفلوا بمنح تعز لقب العاصمة الثقافية كان حري بكم أن ترووا ظمأها وأن تعيدوا لها أمنها وتكنسوا فاسديها من مكاتبها بالتوازي مع كنس شوارعها وأحياءها.. أما دغدغة العواطف بإقامة الفعاليات والمؤتمرات التي لا فائدة منها سوى إهدار المال العام ومضيعة الوقت، فإنها لم تعد تنطلي على احد بقدر ما تزيد من تمسك الشارع بحقوقه ومطالبه وأولها حقه في التغيير والعيش الكريم.
وعلى أية حال، فالمحتفلون بالحدث أرادوا أن يقولوا للناس: تعز لم يعد ينقصها شيء من المشاريع التنموية والاحتياجات الأخرى سوى إعلانها عاصمة للثقافة اليمنية بعدما شارفت على تحقيق كل مشاريعها التنموية من مياه وطرق وصحة ونظافة وتعليم، فما بالكم بعاصمة ثقافية وهي تمتلك كل مقومات الثقافة وأدواتها من مكتبات عامة ودور العرض ومسارح وأنشطة ثقافية بالجملة والتجزئة طازجة من المصنع إلى المستهلك تؤهلها للدخول في موسوعة جينس للأرقام القياسية، المهم عاصمة ومن قرح يقرح والحاسد يموت بغيضه.

رسالتي للأخ شوقي الرياضة لا تطعم الناس من جوع ولا تؤمنهم من خوف، ووضعها المتردي لن يصلح حاله ولو أقمت ألف مؤتمر ما دامت مرهونة تحت عباءة المشيخ ومن لا يفقهون أبجدياتها وكما قال المثل (المنحوس منحوس ولو علق له فانوس) وأولويات الناس في تعز في الوقت الراهن ليست كرة القدم أو إنشاء قنوات فضائية واستوديوهات إذاعية، بل ماء يروي ظمأهم وصحة تشفي سقمهم وأمن يحمي مصالحهم وتغيير يطهر مؤسساتهم.
وأخيراً شخص مثل رمزي اليوسفي الذي غيب الثقافة في تعز إلى أجل غير مسمى طوال فترة خدمة والي نعمته صالح في مكتب الثقافة لا نستبعد منه أن يفعل أكثر من قيامه بمنع وسائل الإعلام المؤيدة للثورة من تغطية فعاليات تدشين تعز عاصمة الثقافة اليمنية، ومن يدري فالأوامر ربما تكون قد صدرت له من المحافظ نفسه، لكن ماذا عن وزير الثقافة القادم من رحم الثورة، هل كان يعلم بطريقة انتقاء الضيوف وفرز وسائل الإعلام ما بين قائمتين سوداء وبيضاء.. إن كان يعلم فتلك مصيبة وإن كان لا يعلم فالمصيبة أعظم.. تصبحون وتمسون على قمامة.. عفواً أقص.. ثقافة.. إلى اللقاء.


في السبت 13 إبريل-نيسان 2013 04:44:01 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=71472