السلطة الرابعة
عبدالقوي ناجي القيسي
عبدالقوي ناجي القيسي

قد يتبادر إلى ذهن القارئ أن الحديث سيكون حول الصحافة التي تسمى السلطة الرابعة إلى جانب سلطات الدولة الثلاث المعروفة, غير أن مقالي هذا سيركز على السلطات الأربع التي يمتلكها اليوم الرئيس عبدربه منصور هادي ولم يمتلكها رئيس لليمن من قبله قط..
أما السلطة الأولى فهي الشرعية الدستورية التي أعطاها إياه الشعب عن رضا وقناعة وحرص حتى تخرج البلاد من محنتها التي أوصلها لها (الزعيم) بأساليبه البالية في إدارة الدولة ومواجهة الأزمات والصعوبات. حتى وصل اليمنيون إلى قناعة راسخة بضرورة الخروج إلى الشارع والتضحية بالغالي والنفيس للتخلص من هذا الحكم المتسلط والفاشل فقامت الثورة الشعبية السلمية وغادر (الزعيم) السلطة ليس عن طواعية وحرص وإنما لأن البنيان بداء ينهار عليه مباشرة فتخلى مرغماً حين لم يجد مراغماً كثيراً و سعة. هذه الشرعية الدستورية التي بيد هادي هي توافقية برضى الجميع وهي سر قوة الرجل لهذه المرحلة وربما التي تليها. فلا أحد يستطيع منازعته سلطته ولا أحد يقدر حتى على أن يتطلع- على الأقل في الفترة الانتقاليةـ أن يكون بديلاً عنه..
أما السلطة الثانية فهي الشرعية الإقليمية وأعني بذلك مبادرة مجلس التعاون الخليجي التي قطعت الطريق على الثورة الشعبية السلمية لأسباب عديدة وأقحمت الجميع في التسوية السياسية التي أوقفت نزيف الدم اليمني وجنبت اليمنيين مسلسل الدمار والخراب الذي حل ويحل بسوريا حتى هذه اللحظة. لا يوجد لدى أي من قادة دول مجلس التعاون الخليجي أدنى شك في نوايا الرئيس عبدربه منصور هادي الطيبة إزاء بلده وإزاء جيرانه وهم حريصون على نجاحه من أجل استقرار اليمن وتحجيم الإرهاب الذي شوه سمعة اليمن والمنطقة وسلط عليها الطامعين بخيراتها تحت هذه الذريعة. لقد عطلت مبادرة دول مجلس التعاون بعض نصوص الدستور الحالي مقابل منح الرئيس صلاحيات فوق الدستور من ضمنها البت في القرارات والقوانين التي يفشل مجلس النواب في التوصل إلى صيغة نهائية لها وهذه سلطات إضافية واستثنائية منحتها المبادرة للرئيس وأنا على ثقة أن أي ملف سياسي عالق بين اليمن وبين أي من دول مجلس التعاون الخليجي أثق بأن لدى الرئيس القدرة على حله لوجود الانسجام والتفاهم والثقة المتبادلة بينه وبين كل قادة المجلس الذين عرفوا (الزعيم) وأساليبه في التعامل مع قضايا الوطن ويدركون اليوم حجم التغيير الذي طراء في طريقة التفكير والتعامل في ظل القيادة السياسية الجديدة..
أما السلطة الثالثة التي يملكها الرئيس ولم يملكها أحدُ من رؤساء اليمن شمالاً وجنوباً من قبل, فهي شرعية مجلس الأمن وقراراته الداعمة لرئاسة هادي ولكل القرارات التي اتخذها سابقاً والقرارات التي سوف يتخذها لاحقاً وأقوى من كل ذلك ما وجهه مجلس الأمن من إنذار واضح لمعرقلي التسوية السياسية والنص بالاسم لأول مرة في تاريخ اليمن على الزعيم والبيض اللذين أعماهما حقدهما فوقعا في شر أعمالهما ودخل الاثنان موسوعة غينيس عن اليمنيين جميعاً حين نص القرار المذكور على إسميهما ليس كزعيمين كما يحلو لهما ولكن كمخربين لوطن..
هذا الإجماع الدولي وراء الرئيس هادي يجعله مسئولاً عن النتائج السلبية لأي تباطؤ في التغيير باعتباره مفوضاً عن اليمن والمجتمع الإقليمي والدولي في معالجة مشاكل اليمنيين وإخراجهم من محنتهم بأسرع وقت حتى لا تحدث انتكاسة ويتطاول الفاسدون مرة أخرى للعودة والعبث بمقدرات وأمن اليمن واليمنيين وتعود دورة المواجهة من جديد وتذهب كل الجهود سدى.. وهو ما نحذر منه ونؤكد عليه لأن الوقت يمضي والأمل يضيق من حيث يجب أن يتسع والأوراق بيد الرئيس كثيرة وعديدة والتعمق في الحسابات يقود إلى المتاهات والتململ من بعض الكبار حاصل رغم أنهم مع التغيير نحو الأفضل..
كما أن هناك سلطة رابعة بيد الرئيس هي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي اجتمع اليمنيون على مناقشة مشاكلهم وقضاياهم فيه ووضع الحلول والمعالجات الصحيحة لها.
وفي هذا الاتجاه يستطيع الرئيس قيادة السفينة نحو النجاة وعدم السماح للسفهاء في خرق السفينة وهو ما نعول عليه إذ أن كل عاقل سليم التفكير لا يمكن أن يطالب بتجزئة اليمن وتلقى دعوته القبول والرضى مثل الذي يدعو إلى وحدة اليمن وتطوره واستقراره ولا يمكن أن تلقى دعوة بعض القوى المذهبية القبول بأن يصبح اليمنيون مذاهب متناحرة بدلاً من كونهم يمنيون عرباً مسلمين قدموا تجربة رائعة للعالم في القدرة على الصمود أمام المحن وتجاوز الفتن وتعايشوا بسلام رغم جهود الأئمة في تقسيم اليمنيين إلى زيود وشوافع ومحاولة استخدامهم ضد بعض للاستقواء على الخصوم السياسيين طوال قرون من الزمن.
كل هذه السلطات تعطي الرئيس حافزاً قوياً للمضي في الإصلاحات الجوهرية بقوة وعزيمة وبدون تردد ومواجهة التحدي الاقتصادي الخطير حسب ما طرحه جمال بن عمر في تقريره الأخير لمجلس الأمن والمسارعة في القضاء على دوائر الفساد في مؤسسات الدولة المختلفة التي تنخر في مفاصل الدولة الحيوية وتعمل اليوم بكل ما أوتيت من قوة لإقناع اليمنيين أن ما مضى كان أجمل.
في الأحد 14 إبريل-نيسان 2013 05:32:10 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=71489