قلنا اخرج من الإصلاح موه من الإسلام
محمد علي محسن
محمد علي محسن

لا عليك يا صديقي الجميل النقي عبد الرقيب يا هدياني ؛ فما من أحد من هؤلاء القادحين الثائرين يماثلك طيبة وجرأة وبراءة ومحبة وابتسامة وفوق ذلك شجاعة وسعة صدر يندر وجودها في كنف ثقافة احادية استبدادية ضائقة مضطهدة رافضة للأخر أيا كان موقفه ورأيه مغايراً ومختلفاً .
دعهم في سعارهم اللفظي المنتهك لأبسط قواعد الخصوصية والاختلاف ، لا اقول لك باختراقهم الفظ والبشع لقواعد واعراف الكتابة او الوقار المُجِل للذات والذوق العام ، فصحافي مثلك وبحماستك ونبلك وصدقك وقبل هذا وذاك في بؤرة مجتمعية شبه مغلقة على واحد بمثلك ولديه الجرأة والشجاعة في كسر قيوده وأغلاله؛ كي يغرد كبلبل صادع وديع غير مكترث بحقيقة أن تغريدة طائر بمفرده لا تأتي بالربيع .
نعم صوتك الوحيد يمنحني شعور بالبهجة والحيوية والأمان، هنالك من يرى في تغريدك خارج سربك الجنوبي الجامح وبعيداً عن ميقات شمس الحرية والاستقلال بانه مجرد خيانة وعمالة وتفرد لا طاقة لهم بتحمله والاصطبار ، وهم في محاولاتهم اليائسة للجم صوتك المغرد للحياة ؛ إنما يعقرون الجمال والبراءة والتنوع والتسامح وحتى الانعتاق والحلم والجرأة ، فكما يقول الشاعر والمفكر المغربي محمد برادة بان الأسماك الحية وحدها من يسبح عكس التيار ؛ أما الأسماك الميتة فغالباً ما يجرفها التيار حيث يريد ودونما مقاومة أو رغبة وإرادة .
شخصياً أعد ما تسطره وتنشره أو تتحدث به لقنوات فضائية بمثابة الظاهرة الصحية الخالية من سقم وقبح وغدر وزيف الكثير من الزعامات الجنوبية المصابة بعضال البلادة والعقم والغباء وبعقد مرضية نفسية كالاضطهاد والنرجسية والانفصام والشك والخوف والحسد والأنانية والبغض وسواها من الأوجاع المزمنة المخفية في أعماق عديد من الأسماء الجنوبية المنتفخة اليوم كرموز وقيادات ثائرة في سبيل تحرير وخلاص شعبها ووطنها.
فالواقع هو أن هذه الرموز والقيادات أشبه بفقاعات طارئة طائرة سرعان ما تنتهي ومع أول نفحة هواء ،إذا لم أقل بأنها تماثل بالونات حمراء وخضراء وصفراء تراها في سماء الجنوب طائرة ملفتة جاذبة، فبرغم يقينا بانها ليست إلا بالونات زاهية مملؤة نفخاً وزيفاً وهواءً ملوثاً ؛ مازلنا نعتقد خطأ بوزنها وقيمتها التي لا تضاهى مطلقاً.
عرفتك يا عبد الرقيب مخلوقاً رائعاً وبديعاً يتوشح بأكاليل المحبة والصدق والنقاء الإنساني الخالي من تعقيدات الأيديولوجيات الحزبية الجامدة والرتيبة ، متحرراً من العصبيات المناطقية والطائفية والقروية المقيتة، صحافي شاب يصافحك بوجه أليف وثغر مبتسم لا يعرف الكآبة والعبوس، فما في مكنونه الباطن تجده في لسانه دونما زيف أو تضليل أو كذب ، إذا ما قرأته منافحاً عن موقف لا يسرك أو يجافي واقعة مشهودة, فثق أنه عبر عما استقر في ذهنه وتكون لديه من موقف مغاير.
رأست ثلاثة صحف إخوانية: الرسالة والتمويل ومع ذلك لم تمانع بنشر أخبار وكتابات مغردة خارج نهج وتوجه هذه الصحف المحسوبة على الإصلاح؛ بل وتسنى لي شخصياً نقد قيادات تنظيمية ودينية وتجارية في الإصلاح ودونما اجد منك أيها الإصلاحي سوى قهقهة كبيرة تتضوع في أرجاء المكان .
اعمل وأقارن بين فسحة وسعة صدرك وبين نظرائه المتشدقين بالحرية والحداثة والرأي الآخر؛ فأجد مدى الفارق الشاسع الذي يميزك عن سواك من المنظرين المتفلسفين فيما هم في الممارسة لا يطيقون رأياً يختلف معهم، كما أن صدورهم لا متسع فيها لقبول فكرة مخالفة أو نقد لشخص يضعونه في منزلة الأنبياء والرسل لا البشر العاديين المخلوقين من الخطيئة .
كان الزميل الرائع عبد الرحمن المحمدي يفغر فاه مقهقها ومعقباً بلهجة أهل شرعب المحببة : عبد الرقيب قلنا لك اخرج من الإصلاح موه من الإسلام" مناسبة هذا الكلام بالطبع سببه سقف النقاش المفتوح المتجاوز لمساحة وأفكار التنظيم المتخندقة بالتزمت والجمود والطاعة العمياء لولي الأمر وان ظلمك أو جلد ظهرك بسياط وجوب الطاعة للحاكم وللجماعة باعتبارهما ديناً صنمياً مكرساً للطغيان وللعبودية المضطهدة والمنتهكة لفكرة الخلق والوجود ولكرامة الإنسان وحريته وعقله الذي ميزه الله عن سائر الكائنات.
حملة شعواء لا مبرر لها سوى أن هؤلاء لا متسع لديهم بقبول الفكرة الأخرى المغايرة لكلام مذيع قناة عدن لايف ردفان الدبيس وهو يرد على متصل : مساء الحرية والاستقلال أو صباحكم ثورة وتحرير، أبحث عن إساءة أو لفظة نابية محتقرة جاحدة بحق الجنوب والجنوبيين ؛ فلا أعثر على ما يشير ويؤكد بانتهاكك يا صاحبي لقواعد وأعراف المهنة والذوق والأدب، فلتكن إصلاحياً مدافعاً عن فكرة تنظيمه الذي ينتمي إليه! فهل المشكلة فيه بكونك متمسكاً بحزبك وبوجهة نظره أم في خصومك الذين لم يبقَ لهم حزباً أو فكرةً مثالية إلا وقضوا عليها ؟ .
كأن المسألة شخصية ثأرية هدفها إخضاعك تشفيا وانتقاما من رجال بحجم حميد الأحمر وثروته التي لا صلة لك البتة بالاثنين، أو من فقهاء الحروب وفتاويهم المقيتة لديك ! فعلى افتراض اقترافك لخطأ مهني جسيم يتعلق بتظاهرة جنوبية لم تعرها أهمية أو قللت من شأنها ؛ فهل يعني أن صحف ومواقع حراكية نظيفة وخالية من أية شبهة مهنية ؟ .
وعلى صحة نقلك لأنباء وتصريحات منحازة لوجهة نظر تنظيمك وبأسلوب يفتقر للدقة والموضوعية أو انك عادة ما توجه سهام نقدك إلى علي سالم البيض أو سواه من زعامات مكونات الحراك؛ فهل فعلك يستوجب التصويب والتصحيح لتلكم الأخطاء الفظيعة بنظر هؤلاء أو بتفنيدها ودحضها صحافيا؛ أم أن ما فعلته يعد جريمة نكراء تستوجب التشنيع والتعزير وبأسلوب ووسيلة رخيصة ومبتذلة وفجة غير لائقة بإصحابه ، فكما قيل بان الشتائم والألفاظ النابية ليست إلا دلالة على افتقار صاحبها للحق .
عبد الرقيب يا هدياني.. يا إصلاحي.. يا بياع الجنوب بحفنة قروش لحميد الأحمر وعلي محسن ووحيد رشيد وووو أقول لك كن إصلاحياً، أحمرياً، عدنياً، ضالعياً، جنوبياً، شمالياً، وحدوياً، انفصالياً، صحافياً، حراكياً، مشتركاً؛ فكل هذه المسميات أبدا لن تمحو فيك عبد الرقيب الإنسان البسيط المتواضع النقي بدنياً ونفسياً من عاهات وسقم المناطقية والجهوية والطائفية والصراعات القديمة والجديدة.
فيكفي القول يا صاحبي بانك وبلا تردد وأنانية المستحق الوحيد - ومن بين كافة الصحافيين الشباب – بشرف الانتساب إلى الجنوب وقضيته وأهله، فالجنوب وفق معتقدي يستحيل أن يمثله أناس يعانون من أمراض نفسية وذهنية ووراثية كهذه التي لا ترى فيك سوى أمراضها الدفينة ، وأحقادها، وبغضها، وحسدها، وعقمها، وأنانيتها، ونفاقها، وقبحها، وانتهازيتها، وكراهيتها، وزيفها، وتضليلها.
ختاماً ثمة قولة لفولتير فحواها: أننا قد نختلف في الرأي مع الآخر لكننا بالمقابل يجب أن نمنحه حياتنا كيما يعبر فيه عن رأيه بحرية ، وأنا يا صديقي لا أريد منحك حياتي وإنما أكتب كلمة حق وينبغي قولها دونما منِّه أو إملاء أو اعتبار بكوني لا اتفق معك أو أؤيدك في منطقك وطرحك الذي تراه صائباً.
أصدقك أنك الوحيد الذي يقرأ خبراً، أو عنواناً قاذعاً وشاتماً بشخصه وحزبه ؛ فيقابله بضحكة عريضة، وروح مرحة نقية من الحقد والغيرة والانتقام، أنك أفضل وأجمل صورة للجنوب وأهله وتعايشه وتسامحه ، فكثير من دعاة العصرنة والعولمة والمواطنة المتساوية تجدهم يسقطون عند أول اختبار عملي، وأنت أيها الوغد المتدثر برداء المطاوعة "الاخوانجيين" الأصوليين لم أسمعك لحظة أنك سألت أو فتشت في هوية وجينات زملائك وأصدقائك، فالمهم لك أن يكون إنساناً ناطقاً، طفولياً، مرحاً، ضاحكاً؛ كي يكون صديقك.
في الجمعة 17 مايو 2013 04:24:24 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=71850