ثورة مصر والورقة الطائفية
أحمد عثمان
أحمد عثمان

عندما اغتيل الشهيد حسن البناء- مؤسس جماعة المسلمين- في الأربعينات من القرن الماضي وأجهز عليه بالمستشفى في عملية اغتيال اشترك فيه القصر والاستعمار الانجليزي.... لم يسمح بتشييع الشهيد (حسن البناء) وشيع الزعيم التاريخي الكبير الذي لم يتجاوز عمره حينها الخامس والأربعين من أسرته وأخواته البنات فقط, لكن كان هناك بجانبهم في الجنازة شخصية سياسية مصرية كبيرة أبت إلا أن تشارك في الجنازة اليتيمة رغم كل الحضر والمنع ليؤكد وطنية ووحدة المصريين ولم تكن هذه الشخصية الوطنية الكبيرة سوى (مكرم عبيد) أبرز زعماء أقباط مصر المسيحيين والزعماء الوطنيين لمصر...علاقة المسيحيين المصريين عبر التاريخ علاقة مميزة مع بقية الشعب من المسلمين إلى يومنا هذا ولم تفلح كل المحاولات لتفجير فتنة طائفية التي قادها الاستعمار الانجليزي لإعاقة التحرر الى الحكومات الاستبدادية المتعاقبة أخرها حكم (حسني مبارك) الذي ثبت انه قام بتفجير كنائس لإشعال فتنة طائفية تقية من غضب الشعب, لقد كان التسامح هو المخيم على جميع المصريين مسلمين ومسيحيين وكان المسيحيون وأدبياتهم تقول إلى اليوم (أنا مصري مسيحي الديانة إسلامي الثقافة)... هذه المؤامرات الخسيسة لم تتوقف من قبل سياسيين معظمهم مسلمون للأسف مستعدين أن يحرقوا مصر من اجل الحكم ومن اجل مسح ثورة25يناير وإسقاط الانتخابات إلى الأبد وإعادة حكم العسكر الذي يتعايش مع مقتاتي فتات السلطة ومن أجل مصر ضعيفة لا تهدد إسرائيل ولا مشيخات النفط, فقد تم إقناع الكنيسة المصرية بدعم من أقباط الخارج للمشاركة في إسقاط ثورة 25يناير وإسقاط الرئيس المنتخب وعمل تغطية على الانقلاب العسكري وذلك عن طريق توجيه الكنيسة للمسيحيين كطائفة بالنزول إلى ميدان التحرير في 30يونيو وكانوا فعلاً أهم قوام الحشد إلى جانب الفلول الذين مازالوا يحكمون الدولة ومسيطرين على مفاصلها, إضافة الى بعض الثوار الذين بدا بعضهم يتململ بعد إدراكهم بأنهم خدعوا في أكبر خدعة اسمها 30يونيو للتغطية على الانقلاب لقتل ثورة يناير وبدا بعضهم فعلاً ينسحب إلى ميدان رابعة العدوية والنهضة بعدما رأوا ان الشعب هنا والثورة هنا بعيدا عن الفلول والقوى الدولية والاقليمية المخاصمة للثورة والمتعالية على الشعب المصري...وكان لافتا أن موعد المظاهرات الداعمة للانقلاب تحدد يوم الأحد يوم عطلة المسيحيين وهي لم تأتِ منفصلة عن جر المسيحيين إلى موقف طائفي لأول مرة في تاريخ الكنيسة المصرية؛ معتقدين أن يوم 30يونيو ستضرب الثورة الشعبية وتمسح ثورة 25يناير عن طريق ترويع وقتل الثوار في الشوارع وإحراق المقرات واعتقال قادة الثورة وإيقاف القنوات والصحف بنفس انقلابي واضح....كل ذلك أدى الى مردود عكسي وخرج الشعب المصري ضد الانقلاب ليبدأ ثورته المكملة لثورة يناير العظيمة وبدا كثير من المسيحيين الذين استشعروا خطورة جرهم لاستقطاب طائفي يتوافدون إلى ميدان رابعة العدوية وغيرها من الميادين ليكرسوا طبيعة الأقباط لتصرفهم طول تاريخهم كمواطنين مصريين عرب وليس كطائفيين وظهر ميدان التحرير أمس وقبل أمس الأقل حضوراً بحسب مراسلي قناة العربية وليس الجزيرة رغم الحشد والدعوة المستميتة...
 لقد أسقط الشعب المصري بخروجه المذهل- لإسقاط الانقلاب وحماية الثورة- كل المؤامرات والحبكات الخسيسة التي أشرف عليها مراكز الدولة العميقة ومصالح وفساد متراكم وقوى دولية وإقليمية عربية بكل ثقلها المالي وتعاليها وحقدها على الشعب المصري وحريته, وسواء طال نضال المصريين أو قصر؛ فالحقيقة ان مارد الشعب المصري قد انطلق (بصفيرة) الانقلاب العسكري ولن يعود إلا بثورته وشرعيته ولن يكون بعد اليوم انقلاباً عسكرياً في مصر وهذا هو المهم والهدف الاستراتيجي من ثورة 25يناير التي نراها تشتعل سلمية قوية في كل ميادين مصر وسيسقط الشعب المصري كل المؤامرات الحالية وأخطرها محاولة جره إلى العنف لإطفاء وهج ثورة العرب التاريخية ونور حلمهم الأكبر.

في الإثنين 08 يوليو-تموز 2013 05:39:34 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72372