رمضان جاء رمضان ذهب
أحمد عثمان
أحمد عثمان

رمضان انتهى؛ ها نحن نودّعه ومعه نودّع أنفسنا وعمرنا الغارب دوماً، ما هذه العجلة يا رمضان!، أنت ضيف خفيف الظل والدم والروح، فلماذا كل هذه السرعة..؟!.
رمضان يمثّل حقيقة الزمان الجاري والحياة التي لا تساوي شيئاً، فكل شيء زائل بحكم العدم، في ذاكرتنا رمضانات كثيرة جاءت وذهبت دون أن ندري كيف جاءت ولا كيف ذهبت.
نحن مجبرون على أن نجري ونحن واقفون، نهرول ونحن نيام، لم يبق شيء سوى الذكريات العالقة في الذهن وهي تلك المرتبطة بالطفولة؛ لأن الطفولة قريبة من المهبط الأول، حيث للزمان قيمته وقوانينه الثابتة التي نهرول بالعودة نحوها عبر «الموت» الطيب ليكون الشيء شيئاً، وللذة طعم وبقاء.
 كان سعيد النورسي يقول: «لا لذة مع الزوال» وهي حكمة مكثّفة تحتاج إلى عقل مركّز المعنى حتى يدرك حقيقتها المهولة، لا شيء في الشيء، هنا يا عزيزي ولا عمر في الزمن، ورمضان شاهد على هذا!!.
ما الفرق بين أول يوم من رمضان وآخر يوم نودّعه فيه، وما الفرق بين الترحيب والتوديع؟!، إنها أسماء مترادفة لمعنى واحد وحقيقة واحدة هي الزوال.
والحياة ما هي إلا لحظة زوال، فتأمل كيف تبدو مع نفسك أقرب إلى السخرية وفيما تصنعه في زوالك لبقائك الأبدي.
إن ما تصنعه اليوم ليس من أجل اليوم؛ لأن اليوم غير موجود أساساً، هو كذلك بحكم الزوال، لكن ما تفعله اليوم من أجل الغد الثابت حيث كل شيء فيها شيء، وكل زمن حياة حيث تتبدّل قوانين الزمان وحركة الظل الدائم الذي لا يزول، والنعيم المقيم الذي لا يسافر في زمن ثابت ومقيم.



في السبت 10 أغسطس-آب 2013 05:29:19 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72646