كارثة استراتيجية!!
محمد السروجي
محمد السروجي

من تداعيات هذا الانقلاب العسكري الدموي أنه كشف الغطاء عن عورات كثيرة في الدولة المصرية الجريحة بطول حكم العسكر ما حرمها العديد من إنشاء وتأسيس وتنمية مقومات الدول المدنية الديمقراطية الحديثة، بل كشف الغطاء عن كوارث حضارية في فكر وسلوك غالبية القيادات الجالسة على منصات الحكم والمسئولية في مؤسسات الدولة خاصة ما تسمى بالسيادية فضلاً عن الوهم المسمى بالنخبة، أفكار وأقوال وممارسات تؤكد أن غالبية المصريين يعيشون في مرحلة التيه الحضاري التي عاشها بنو إسرائيل في عهد موسى عليه السلام، والتيه هنا ليس الجغرافي لكن التيه العام على المستوى الاستراتيجي والتكتيكي معًا وبشواهد منها:
* محاولات المربع العلماني في تغيير عقيدة الجيش المصري بل عقيدة الشعب المصري لتحديد من هو العدو ومن هو الصديق؟ محاولات دؤوبة أن يرفع الكيان الصهيوني من قائمة العدو الوحيد لمصر والأمة العربية لتكون حماس تارة والإخوان تارة والتيار الإسلامي تارة ثم الوهم والمجهول تارة أخرى!
* إصرار جنرالات القوات المسلحة خاصة التكتل النافذ في المجلس العسكري من إقحام الجيش على المشهد السياسي بل جعل القوات المسلحة هي الراعي الرسمي للدولة المصرية بكل مكوناتها ما يترتب عليه التدخل الفوري والحاسم في أي لحظة لتغيير نظام الحكم- وثيقة السلمي- فضلاً عن خروج القوات المسلحة من دائرة المراقبة والمحاسبة المالية والفنية ما يجعلها دولة موازية وليست جزءًا غاليًا وهامًّا من الدولة.
* تدني المستوى الفكري والتكتيكي لغالبية القيادات العسكرية- المحالة للتقاعد- التي خرجت للإعلام تفسر وتحلل وتشرح بل وللأسف وتكذب "راجع تصريحات اللواء ثروت جودة وكيل المخابرات السابق واللواء محمود مسلم واللواء أحمد بلال وغيرهم"، ما أصاب الرأي العام المصري بفجيعة جعلته يتساءل هل هؤلاء هم قادة وجنرالات الجيش، هؤلاء هم القدامى أصحاب الخبرة فما بالنا بالجدد؟
* الشواهد تؤكد أن غالبية الجنرالات لم يمارسوا الفعل العسكري لكن الفعل الخدمي من خلال الخدمات الوطنية في محطات الوقود والمخابز والمزارع وشركات المقاولات وبالتالي صار الاهتمام بالشأن المدني أكبر من الشأن العسكري أو بالأمن الغذائي لا بالأمن القومي ما يمثل تهديدًا واضحًا للدولة المصرية وسادتها الوطنية ودورها القومي.
* تصريحات غالبية ما يسمى بالنخبة الفكرية والسياسية التي اتسمت بالطفولة والسطحية "راجع تصريحات بثينة كامل ومصطفى بكري وغيرهم في أن أحداث سيناء الأخيرة هي من صنع الإخوان لإحراج الجيش المصري".
خلاصة المسألة: نحن فعلاً في أزمة رسخها الانقلاب العسكري عندما قطع الطريق على تكوين مؤسسات الدولة المدنية وفقًا لرؤية حديثة لتكون في الاتجاه المعاكس بقيادة العسكر قليلي الكفاءة في المجال العسكري فما بالنا بإدارة الحياة المدنية لدولة بحجم مصر.. رحماك ربي بهذا الوطن.
*كاتب مصري

في السبت 24 أغسطس-آب 2013 04:58:53 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72800