الغزو الحوثي
فكرية شحرة
فكرية شحرة

رغم كل المناشدات ورصد منظمات حقوق الإنسان ونداءات العقلاء من الناشطين والناشطات والسياسيين لجرائم الحوثيين, إلا أن المناشدات التي ملأت الأرض والسماء, تصاحبها استغاثة المظلومين والمعتقلين والضحايا أبداً, لم تصل إلى أسماع الرئيس هادي ولم يرجع حتى صداها من العالم الخارجي؛ ليس لأن الرئيس هادي يضع سماعات أذن تملي عليه أصوات أخرى, أو أنه أصيب بالصمم من جهة شمال اليمن, أو لأنه يكره الفتنة التي هي أشد من قتل الأبرياء من المواطنين.. بل لأن الرئيس هادي ورفيقته حكومة الوفاق كائنات مسالمة وحكيمة يخافون على يمن الحكمة والإيمان من شبح الحرب السابعة التي يهدد بها عضو مؤتمر الحوار من الحوثيين ببساطة الواثق من النصر, كأن الأمر معد له بعناية ومسنود إلى أعلى المقامات.
قد كنا نأمل في حوار ينجم عنه أمان ووئام وانسجام بين مختلف الطوائف والمذاهب, ولكن يبدو أن كل مكون دخل الحوار بنيات مختلفة ومسبقة ولا يمكن تغييرها, فهل ننتظر حتى يحل علينا اليوم الذي تطحن اليمن فيه حرب طائفية لا تبقي ولا تذر حتى نصبر على غراس الحوثية الفتاك ينمو بيننا ويكبر حتى لا نقدر عليه بحرب أو دونها؟..
إن هذه الطائفة تبدو كسرطان الأمة الإسلامية, وإذا لم تزل قبل أن تستشري فتكت بالأمة كلها, ولنا في العراق وسوريا خير شاهد.. إن مشهد سحل مواطنين أبرياء بواسطة السيارات جريمة كان لها أن تقيم الأرض فلا تقعدها, فماذا فعلت دولتنا وماذا فعل الناشطون والناشطات غير الاستنكار للفعل الوحشي والإجرامي؟, هل حدث أي نوع من الإضراب أو الاعتصام أو المسيرات أو أي ضغط على الدولة حتى تخرج من سباتها وصمتها وتعاقب الجناة, أم أننا تعودنا على عدم مصداقيتها في عقاب الفاعلين فتركنا الأمر يمر كغيره من الأمور؟.
إن الدولة بهكذا تصرف تجعل الاصطدام بالشيعة أمر لابد منه والحرب قضية مفروغ منها, ولكن على أيدي غيرها من القبائل والغيورين على حرمات الله, فحملة التشيع طالت كل الوطن العربي, وكل دولة وقعت في براثن الشيعة هي إلى الحرب أقرب, وأي دولة كانت بعيدة عن الشيعة, كمصر مثلاً, أصبحت التحركات على أشدها لإيجاد علاقة بينها وبين إيران وزرع التشيع الديني في مواجهة الإخوان, مما يدل على أن هناك لوبياً عالمياً لإحلال دين الشيعة المغلوط كدين إسلامي بدلاً من الدين الصحيح.
إن خطر الشيعة أصبح مرعباً يهدد بابتلاع البلاد العربية كلها ومسخ هويتها الإسلامية الحقة وإلحاقها بالعلمانية التي تتزين بشعارات إسلامية جوفاء خالية من مضمونها الحقيقي, وهل تعتبر
الحرب القائمة الآن في الرضمة شيئاً غير غزو فكري ومناطقي؟, وهل كانت مدينة إب أو المناطق الوسطى بشكل عام تعرف هذا الوجود الحوثي المكثف والمشبوه؟, ولماذا قد يصر الحوثي ويعمل جاهداً على مد أذرعه في كل ركن في اليمن وخلق أتباع ومناطق نفوذ لو لم يكن ينوي شراً بهذا الوطن؟.
 يبدو أننا سنظل نتمثل دوماً أفكار القبول بالآخر واحترام الاختلاف, حتى نجد أنفسنا في مواجهة غزو حقيقي لهذا الاختلاف, ومن ثم قمع وإبادة تماماً لأي رأي مخالف.

في الأربعاء 28 أغسطس-آب 2013 05:17:42 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=72839