اللجنة المصغرة للقضية الجنوبية8/8 بمؤتمر الحوار بين الرفض والقبول
محمد مقبل الحميري
محمد مقبل الحميري

‏لجنة الـ"16" المصغرة المنبثقة من فريق القضية الجنوبية بمؤتمر الحوار الوطني الشامل أحدثت تساؤلات واستفسارات، واعتراضات من قبل البعض ، كونها فرضت بشكل فجائي ، ولم يسبق التهيئة لها أو توضيح مبرر هذا الاختصار من أربعين عضواً في الفريق إلى ستة عشر عضواً.
 أعضاء مؤتمر الحوار اقسموا اليمين على العمل بجد واخلاص لحل كل قضايا الوطن، وتحكمهم لائحة داخلية ، لا ينبغي أبداً السماح بتجاوزها تحت أي مبرر اذا كنا حريصين على إنجاح مؤتمر الحوار.
  البعض اعتبر هذه اللجنة عبارة عن لجنة مصغرة وما تتوصل إليه من رؤى ستعرضها على الفريق المكون من 40 عضواً الذي له الصلاحية بإقرار ذلك أو رفضه بحسب التصويت الذي حددت اجراءاته اللائحة الداخلية للمؤتمر ومن ثم عرضه على الجلسة العامة للمؤتمر للتصويت عليه ، وعلى هذا الفهم ممكن تفهم مبرر تكوين هذه اللحنة ولو على مضض، على أن يكون للجميع موقف تحذيري من ان تتكرر التجاوزات .
     اعتقد انه آن الأوان لشرفاء الوطن في مؤتمر الحوار من كل المكونات التي احتواها هذا المؤتمر ومن كل مناطق اليمن من شرقه وغربه وشماله وجنوبه ، الى انشاء كتلة وطنية تاريخية ، يكون همها الأول تأسيس قواعد ثابتة لمواطنة متساوية ، وتجذير الأسس والضوابط التي تمنع تكرار أخطاء الماضي سواء المظالم والجرائم التي حدثت بعد حرب 94 أو تلك الاخطاء والجرائم التي ارتكبت قبل الوحدة في كلا الشطرين ، على ان تعمل هذه الكتلة على أنصاف المظلومين وجبر الضرر ، وانصاف أبناء المحافظات الجنوبية من الغبن الذي اصابهم بعد الوحدة ، وان يمثلوا التمثيل الحقيقي اللائق بهم ، فقضيتهم تعتبر قضية الجميع ، ويجب ان لا نخضعها للمزايدة او الابتزاز من اي طرف ، ولا اعتقد ان أحدًا سيقف حجر عثرة امام انصافهم ، ليكون أبناء الوطن جميعا شركاء بالسلطة والثروة ، حتى لا ندع القضية الجنوبية قميص عثمان لمن يستخدمها البعض للإثراء وتحقيق مصالحهم الشخصية، مدغدغين عواطف الجماهير المجروحة أصلاً ، مستغلين جراحاتها، راكبين الموجة للمتاجرة بمشاعر المواطنين ، مصورين لهم انهم هم المنقذون والمخلصون لهم من معاناتهم.
وعلى هذه الكتلة تحمل مسئوليتها التاريخية أيضاً لوضع الضوابط التي تخلص الشعب من مراكز القوى في المحافظات الشمالية التي كانت السبب الاساسي فيما وصلت اليه البلاد وعدم السماح لهذه المراكز بالعودة مرة اخرى للسيطرة على مقدرات الشعب والعبث بثروته ،
 إن ما يجري ويحاك للوطن من قبل قوى داخلية وخارجية امر خطير يجب اداركه من قبل الجميع ، وعلى الجميع ان يدرك ان هذا الخطر لا يستهدف المحافظات الشمالية دون الجنوبية ولا الغربية دون الشرقية وان حاول البعض تصوير الامر بهذه الصورة مستغلا المزاج الشعبي المتعكر في بعض المحافظات لا سباب الجميع يعرفها.
 فانا اعتبر نفسي ابن الجنوب وتربية الجنوب ، واعلم بالمنهجية التي تربى عليها أبناء المحافظات الجنوبية في حب الوحدة والسعي لتحقيقها ، فعندما كنا طلابا كنا نقسم في طابور كل صباح على العمل من اجل تحقيق اليمن الديمقراطي الموحد، ولذلك لا ينبغي أبداً ان نحاكم الوحدة التي هي الوجدان والروح لكل مواطن يمني ، وان لا نحمل الوحدة أخطاء وجرائم الاشخاص ، فالعالم كله اليوم يسعى نحو التوحد كما في اوروبا رغم الصراعات التاريخية بينهم وملايين القتلى الذين كانوا ضحايا صراعاتهم ، ورغم اللغات المختلفة والمعتقدات المتباينة في اطار الدين المسيحي ، والتباين الشاسع بين دولهم من حيث الغنى والفقر، لإدراكهم أن هذا العصر عصر التكتلات ، ولا مكان للكيانات الصغيرة ، بين الامم ، فلماذا نحاكم الوحدة ، ونجلد الذات ، علينا جميعا ان نصب كل جهودنا لإصلاح الاعوجاج ، ونعالج الخلل ، ونصيغ عقدا اجتماعيا ينصف الجميع ولا يكون هناك خاسر ورابح ، واعتقد ان الواجب على النخب الصامتة المؤمنة بهذا التوجه من أبناء المحافظات الجنوبية ان يكسوا حاجز الصمت ويعلنوا مواقفهم التي يؤمنون بها صراحة ، دون خشية او خوف من انتقاص شعبيتهم بسب المزاج الذي اسلفنا الحديث عنه ، ففي المواقف المفصلية التي تحدد مصير الامم يجب ان لا ينظر المرء للشعبية وكسب الاصوات ، فالنخب هي التي يجب ان تقود الجماهير الى بر الأمان ، لا ان تركب موجة الشارع ، وآن الأوان أيضاً لا خواننا في المحافظات الجنوبية ان لا ينظروا للوحدة على انها مصلحة للشمال فقط وأنها لا تعني للجنوب شيئاً ، فهذا اعتقاد قاصر لا ينظر الى بعيد ، أدعوهم الى ان يجتمعوا جميعا وتدارسوا الامر بمسئولية وطنية عالية بعيدا عن كل المؤثرات التي تسير الأمزجة والاهواء وان يتخذوا قراراتهم المصيرية بدراسة علمية عميقة وبعدها لهم ان يقرروا ما يشاؤون ، لا ان ينساقوا خلف هذا او ذاك ، وهم يعرفون تواريخهم وصفحاتهم الحالكة السواد، اقول ذلك براءة للذمة والتاريخ ، كمواطن يمني استشعر اني انتمي للوطن كل الوطن ، الذي تربيت على حبه وترعرعت على ارضه في الشمال والجنوب ، وعاهدت الله ان احبه واقدم مصلحته على كل مصالحي الخاصة ، وان اكون جنديا للحفاظ عليه أينما كنت ، وان يبق نبض قلبي يمنياً مهما أدلهمت الخطوب .
 اللهم وحد كلمة اليمنيين على رضاك وحب الوطن والحفاظ عليه.
في الأحد 15 سبتمبر-أيلول 2013 05:46:43 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=73036