الانقلاب الكئيب والعيد الحقيقي!
حسن القباني
حسن القباني

قام الانقلاب العسكري الدموي في 3 يوليو الماضي على إقرار اللصوصية كمنهج حياة، والاستبداد كطريق حكم، والغباء كأسلوب إدارة، والكذب كوسيلة بقاء، وفي سبيل ذلك اراق دماء ما يقرب من 7000 مصري مؤيد للشرعية الدستورية، واعتقل اكثر من 12 ألف معتقل سياسي، وجرح اكثر من 15 ألف مصري، فحول الأعياد الدينية والوطنية إلى سرادق عزاء يرتدي فيها الوطن أوشحة الحداد حاملاً رايات الثأر. فكانت من أهم إنجازات الانقلاب وقادته الإرهابيين، نشر الحزن في البلاد؛ بسبب سياسيات القمع والافقار والاستبداد والابادة البشرية، فيأتي عيد الفطر وخلفه مجزرتي فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، ويأتي عيد النصر في 6 أكتوبر ومعه رقصات دموية فاشية على جثث أكثر من 60 شهيد رافضًا للانقلاب، ويأتي عيد الأضحى حاملاً معه مشاهد جديدة لجثث محروقة تعرف عليها أهلها بتحليل الحامض النووي، وترقب لمعاناة ما زالت مستمرة في المعتقلات ومجهول يقوده فاشيٌّ وفاشل ومجنون. ورغم ذلك من حقنا أن نفرح باختيار الله لنا ضمن قطاع عريض ويزداد يوميًّا من أبناء الوطن في فريق الثورة ضد عصابة الانقلاب، وصفوف الحق والحقيقة ضد شراذم الباطل والكذب، وجند الشرعية والكرامة والديمقراطية المسالمين ضد ميليشيات التزوير والاستعباد والديكتاتورية المسلحين. من حقنا أن نفرح أن اصطفى الله عز وجل منا شهداء أبرارًا يشهدون لنا ويشفعون، وأبطالاً أحرارًا خلف أسوار الباطل، يشهدون على ظلم السيسي وعصابته، ومنح بلادنا حرائر من فخر النساء في العالم يقدمن أرواحهن وجهدهن بكل فداء وثبات، وأطفالاً عظامًا غيَّرن مفاهيم العالم عن الطفولة التي نضجت مبكرًا لتقود فعاليات الغضب من المدارس، وفتيانًا وفتيات سطروا أروع آيات المجد والوطنية في مواجهة الطغيان. حق لنا أن نفرح برزق الله عز وجل لثورتنا: قلوب تهوي إلى فعالياتها من كل فج عميق، وكل حدب وصوب، تبغي مواصلة المسير نحو الهدف الذي من أجله نشر الانقلابيون الحزن وسرقوا الفرحة، وهو إسقاط الانقلاب العسكري الإرهابي وعودة الشرعية الشرعية كاملة وتصحيح المسار الوطني للحفاظ على الثورة المجيدة والوطن والأرواح والمؤسسات. فتحية كبيرة للرئيس الصامد في مكان مجهول وتحية إجلال وتقدير لكل شهيد ضحى ولكل معتقل صمد ولكل أسرة مكلومة ثبتت، ولكل متضرر ثار، ولكل مخلص قدم أعلى درجات البذل والعطاء، ولكل مبدع اجتهد وابتكر لتبقى جذوة الثورة مشتعلة، وتعسًا لكل عبد باع إنسانيته في سوق النخاسة، وأفسد على الجيش دوره وعلى الشعب حياته وعلى الوطن مساره التقدمي الجديد النابض بثورة 25 يناير، وعلى الديمقراطية طريقها الناشئ، لصالح المخلوع حسني مبارك والذين خانوا معه ليبقى الحزن والظلام. وإذا كان ينبغي لنا أن نفرح بأيام الله المباركة، عبادة ودعاءً، وثورة وثباتًا، فإنه يجب أن نؤكد أن عيدنا الحقيقي هو يوم أن تتحقق الأهداف كاملة من ثورتنا المجيدة، وتمتد آثارها للخارج، فتضع مصر في المقدمة وتدحر كل أعداء العرب والمسلمين والإنسانية. وليس هذا العيد ببعيد، فمتواليات الظلم والغباء والطغيان نذير نزع الملك والقوة والسلطان، ومشاهد النصر تتوالى بأيدينا وأيدي الانقلابيين في انتظار اكتمال الصورة لتكتمل معالم الفوز الكامل بحسم ثوري مفاجئ وخاطف، والمفارقة أن قادة الانقلاب العسكري في مصر بدءوا كتاب الانقلابات من الفصل الأخير بفضل الله، وهم في نهايته يدقون مسامير نعوشهم، لنفرح يومئذٍ بوعد الله للقوم الصامدين في وجه المستبدين. إن النصر قادم لا محالة، وإن شمس العيد الحقيقي قربت على الشروق، بعد فجر صعب وليل مظلم مليء بالظلم، وعلينا أن نواصل الجهد والجهاد والبذل والفداء، قابضين على العهد مع الله ثم الشهداء ورهائن الحرية والحقيقة، حتى نسترد ثورتنا ونقتص لشهدائنا ونبني مجد بلادنا فتملأ الفرحة الربوع ونحتفل معًا بالتقدم والنهوض، والله غالب على أمره، ولكنَّ الانقلابيين في غيهم يعمهون.

في الخميس 17 أكتوبر-تشرين الأول 2013 11:37:27 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=73377