الضالع..المذبحة والفوضى والرئاسة
محمد علي محسن
محمد علي محسن

ما أعلمه هو أن أهل الضالع في- الأغلب- مازالوا يتطلعون إلى رئاسة هادي أكثر من التفاتتهم إلى أية رئاسة أو ناحية أخرى، فضلاً عن أنهم يأملوا منه فعل الكثير كيما تخرج البلاد من محنتها الراهنة الناتجة عن إرث ثقيل ورثه عن سلفه وحقبته الطويلة الموغلة في العبث والفساد والاستئثار والإقصاء وتغييب الدولة ونظامها.

نعم البعض يصور حالة الغليان وكأنها موجهة, لشخص الرئيس وحكمه الانتقالي ،فالواقع يؤكد أن لولا وجود الرئيس هادي في الرئاسة ومنذ عامين لربما كانت الضالع قد ذهبت في مساق أخر وبعيداً عن جعجعة مؤتمر الحوار ومرحلة الانتقال.

صحيح أن في الضالع أكبر كتلة بشرية ساخطة منافحة لأجل استعادة الدولة ، وصحيح انه يوجد فيها أيضاً كثافة متضررة من الحرب وما تلاها من إقصاء ونفي ونهب وإخراج قسري جماعي طال معظم القيادات المدنية والعسكرية والدبلوماسية المحسوبة على الطرف الخاسر, في معركة الوحدة صيف 94م؛ ومع صحة ما ذكرناه تبقى رئاسة عبد ربه منصور هادي بمثابة الجامع المشترك بين الطرفين المناوئين أو المؤيدين للتوحد.

 ففي كل الأحوال, هنالك ثمة اتفاق ولو ضمنياً على رئاسة هادي ؛فحتى أولئك المقاطعين والمعارضين لعملية الانتقال، ولمؤتمر الحوار، ولفدرلة البلاد إلى إقليمين أو ستة؛ فإن موقفهم الرافض هذا لا يعني بالضرورة رفضاً للرئيس الانتقالي ، بل يمكن قراءته على أنه معارضة لواقع عصي ميؤوس منه، ومع كونه كذلك يراد من الرئيس إصلاحه وتغييره وفي ظرفية وجيزة وحرجة كهذه التي اتفق على تسميتها بفترة الانتقال .

جريمة الجمعة الماضية بكل المقاييس الإنسانية والقانونية والأخلاقية, تعد مذبحة مروعة تستوجب محاسبة وعقاب مقترفيها والمسؤولون عنها أياً كان موقعهم، وإذا كنا هنا نطلب بمحاسبة مرتكبي المذبحة وفي اقصى سرعة ممكنة كأقل واجب ننتصر فيه لأرواح ودماء الضحايا الذين جلهم من الشباب والأطفال؛ فإننا بالمقابل نطلب من الرئاسة اتخاذ إجراءات فورية وعاجلة حيال هذه المحافظة وقبل انزلاقها إلى مربع الفوضى والتخريب.

فليكن في علم الرئيس بان بقاء المحافظة عالقة في الفراغ فإن هذا كفيل باستدعاء الفوضى وحلول أمراء الفيد والتخريب، كما وأوجه رسالة للرئيس كي يزيل عن ذهنه خطاء الاعتقاد المتكون لديه من مرحلة ماضوية، فمعظم أبناء الضالع- بما فيهم أولئك الساخطين المحبطين الغاضبين المنتفضين في الأمس واليوم- يؤيدونه ويدعمونه وينتظرون منه ما هو أكثر من برقية مواساة وعزاء أو تغيير مسؤول أو اثنين.

أقول: هذا الكلام وانا على يقين بأن غالبية الناس هنا لا توجد لديهم أية ضغينة أو مشكلة حيال رئاسة هادي، هكذا عرفتهم وهكذا خبرتهم؛ فعلى اختلاف مشاربهم ومكوناتهم ومشكلاتهم وولاءاتهم السياسية والحزبية والنضالية يبقوا في النهاية متفقين على الرئيس هادي أو أنهم مشفقين عليه من رئاسة محفوفة بثعابين بشرية ما فتأت تلقي بزعافها القاتل كلما سنحت للرجل فرصة الإمساك بزمام كرسي الحكم.

وعلى هذا الأساس أرجو من الرئيس هادي, لأن يزيل تلكم الحساسية المفرطة الناتجة ربما عن حقبة تاريخية مؤلمة لم يعد لها مكان غير أذهان قلة قليلة ممن اعتادوا العيش في كنف بيئة موغلة في الانتهازية والثأرية، فباستثناء نفر من المتسلقين لسلم المسؤولية والشهرة على كاهل قرابين ومآسي ماضوية فإن غالبية أبناء الضالع يجلونه ويقدرونه.

فبرغم كل هذه الوضعية البائسة والصعبة التي عاشتها المحافظة في كنف الانتقال إلا أن هذا الإهمال والاختلال الإداري والأمني, والخدمي والتنموي لم يكن إلا برهاناً ودليلا على أن هؤلاء مازال رهانهم وولائهم لرئيس يعتبرونه على الأقل قريباً منهم ومن مشكلاتهم إن لم اقل من وجدانهم المنكسر نتيجة حقبة من الهيمنة والاستئثار الجهوي المقيت.

في الإثنين 30 ديسمبر-كانون الأول 2013 07:19:39 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74145