الولع بالجاه..مفيد للفساد
د. أحمد عبد الله القاضي
د. أحمد عبد الله القاضي

يعيش بين صفوفنا أشخاص "مولعون بالجاه " عطشى إلى اللحاق بأولئك الذين يُشار إليهم بالبنان حتى عندما يُشار إليهم " كأنذال " وليس" كأفذاذ " لا تفرق معهم معاني الإشارة فقد فقدوا القُدرة على الخجل ولا يملون من كلام الناس عنهم ولو بالشتيمة.. أولئك الذين يسعون إلى " الجاه " دون فتور ويبذلون في سبيله في بادئ الأمر الغالي والنفيس الذين ينطبق عليهم المثل الشعبي اليمني " ... من أراد المعقلة باع البقرة "! "المعقلة تشتي ضمار ", فالذي يستقر له الجاه منهم على عَصَبته (الأسرة/ العشيرة/ القبيلة) يتولد عنده نهمُ‘ شديد إلى السلطة العامة أي الوظيفة العامة رفيعة الدرجة وغاية ذلك النهم هي" الثروة" ويصبح المال عنده مقياساً لكل شيء!

وقد لخص العلامة الحضرمي الكبير عبد الرحمن بن خلدون العلاقة بين الجاه والثروة في عبارته المشهورة " الجاه مفيد للمال".

الوظيفة العامة في اليمن لا تتصف بالنزاهة بل بالفساد في كل درجاتها وكلما ارتفع نفوذها واتسعت حلقات صلاحياتها تعزز " جاه " حاملها وبالقدر الذي يتعزز هذا " الجاه " تتعزز شوكة فساده وفسوقه وفجوره .

وبالقدر الذي تنمو وتقوى شوكة فساده تتآكل أهمية الوظيفة العامة وتبدأ تفقد أهم أسباب وجودها وتتلف أهدافها وتتداعى وتنهار المصلحة العامة التي كانت وراء إنشاءها وعلى أنقاضها تزدهر المصلحة الخاصة لحاملها وتزدهر معه الفوضى العامة.

محظوظ الإنسان الذي يعيش في ظل دولة غير فاسدة أو قليلة الفساد, فهذه دولة ناضجة ترعى مصالح مواطنيها بدلاً من أن تنهبهم.. أما حالة اليمن فهي حالة شاذة بين " الأمم "؛ الفاسدون المولعون بالجاه هم قادة منظومة الإدارة الحكومية في اليمن وقد انهكوا الإدارة العامة بفسادهم وخربوا أخلاقيات الموظفين الصغار الذين يبررون انحرافهم بالقول:" إذا كان القائد فاسداً فلماذا علينا نحن ألا نفسد !".

الفساد في اليمن بحاجة إلى " أنبياء" لمكافحته وليس إلى بشر من العامة, فهؤلاء سرعان ما يتحولون من مقاومي فساد إلى مدانين به!.

اليمن "يتفدرل"!!

 وذلك قبل أن تتمكن حكومته المركزية من بسط " دولانيتها "على أراضيه وإلا على سكانه من غير المدنيين – القبائل!.

وبكلمات أخرى تجري الآن عملية "فدرلة" القبائل قبل أن يستوعب مشايخ هذه القبائل ماهي الدولة؟ وما هذا "البايثون" -ثعبان يلتهم جواميس- الذي نسميه "الفدرالية"؟!

وربما تتحول هذه الفدرلة غير المدروسة بعناية إلى مفسدة من العيار الثقيل سيدفع المجتمع اليمني بسببها أثماناً باهظة ومتنوعة.!
في الخميس 30 يناير-كانون الثاني 2014 04:05:22 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74483