العلم والعلماء في مفهوم الديانة والسياسة
د. عبد الله بجاش الحميري
د. عبد الله بجاش الحميري

العلم معناه: الإحاطة بموضوع المتعلم لما تعلمه، وتنزيله منزلة الواقع الذي يتطلبه وقته وعصره، ويخدم المصلحة ويرشد إلى الصواب ويفند الغي والضلال، وكل عالم بفنه أياً كان فهو في مجال تخصصه في فهم ديننا الإسلامي، عالم رباني فيه يؤدي حق الله وحق أمته في تخصصه، ويبدع في الإنتاج وتطوير ما تحمله علم، بيد أنه لا يصح أن يتدخل في تخصصات العلماء الآخرين، وإنما يبذل جهده بفقه تخصصه ليكون مستنبطاً مطوراً فيه، فعالم الطب وعالم الهندسة وعالم الزراعة واللغة العربية والأعجمية والتاريخ، وهلم جرا، ملزمون ديناً ودنيا بالتفوق والإتقان، وأن يكونوا منتجين لا مرتزقة يهمهم جمع المال بعلمهم وحسب، وهكذا علماء الشريعة يجب أن يكونوا مبدعين في معرفة نصوص الشرع والوصول إليها ومعرفة استنباط الأحكام والجمع بين النصوص وفق قواعد علماء الشريعة، وتنزيل مفاهيم النص متوافقة مع قواعد الإسلام الكلية في محاربة الظلم والمساواة بين الخلق وعدم العمل على لي النصوص وفق مصالح ضيقة أو تابعة لمصالح طائفية وسياسية، فمثل هذا لا يصح أن يكون عالماً، وهكذا علماء بغال السلطان الذين لا يعرفون من العلم إلا كنس روث الخيول وشحذ سيوف الطغاة لقتل شعوبها وتضليل الأمة بفتاوى تلزمهم عبودية بقبول ظلمهم وعد قبوله مطلباً شرعياً، وهكذا قل في من ينتسب للعلم ويحصر علم شرع الله لصالح حزبه ويختار من الأقوال أضيقها وأضعفها ليبرر لحزبه خطأه في السير نحو بناء أمة متكاملة في فهم النصوص، فترى هؤلاء المتقمصين للعلم الشرعي وهم لا يغادرون حظيرة الحكام ومن يلبسون العلم الشرعي وهم لا يخرجون من دوائر أحزابهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون مع أن نصوص الشريعة جاءت ونصرة المظلمين وبعث روح الحرية والمساواة والتحرر من الظلم والاستبداد، وللإصلاح الشامل وفق منهج متكامل، ومن هنا إذا رأيت عالماً يدور في حظيرة خيل سلطانه فيأس من خيره، ولا تنخدع بعمامته وتحريك لسانه وهز رأسه ورفع صوته، ولا بترتيله للنصوص، لأنه يحفظها وحضرها في ظهوره ليضل بها الناس، وليلهث بها بعد حاكمه كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، فتراه يفتي بإراقة الدماء ويدعوا لطاعة الظالمين، ويرى الخنوع والاستسلام والظلم هو الدين، بينما الدين جاء بحرية الناس الذي خلقهم الله عليها وعبد الخلق لله وليس للطواغيت، وحرم الظلم واستهجن الأمة التي تخضع للظلم والظالمين، ومنع القيادة السياسية التي تقود الأمة بالانحراف والتسلط وطالب الأمة وفي المقدمة علماءها أن تقول للظالم يا ظالم اترك الظلم، وهكذا قل فيمن جعل علم الشريعة ليقيم به صلب حزبه ويخضعه لسياسته، تحت قواعد يجعلها مائعة ليضلل الناس بها وهي لا تساعد على حقيقة الأمر، فلو أن فاسداً أنكر الصلاة واستهزأ بها أو داس المصحف ولطخة بالنجاسة، فهذا منكر شنيع يجب إزالته بكل وسائل الإنكار، والحزب الذي يسكت عن مثل هذه المنكرات وعلماؤه تحت وطأة المصلحة فهذا حزب مترهل وعلماؤه قد هرموا عن تطوير المفهوم الشرعي عن معرفة المصلحة والمفسدة، فأي مصلحة من السكوت عمن ينتهك مقدسات شرع الله، وما قيمة حزب يسكت عن هذا أو عالم يبرر الأقوال الراجحة بالأقوال شبه المرجوحة، ومن هنا فالعالم الأكاديمي لا يجوز إلا أن يكون ملكاً للأمة عابداً لله تعالى في كل تخصصاته، لأن العلماء يمثلون بناء تكاملياً في كل تخصصاتهم، فمن التزم فئة وصير نفسه بغلا لها يقود عربتها لمواجهة العربات الأخرى، فقد صفة الشرعية للعلماء، ويجب على العلماء والأكاديميين التحرر من التبعية الخاصة والمكونات الضيقة التي تقوم عليها الولاء والبراءة، وإنما يقيمون جمعيات علمية تطور الخطاب الشرعي للجميع وهنا يثق بهم الناس جميعاً(إنا أرسلناك للناس بشيراً ونذيراً) فعلى العلماء الربانيين تطوير المجتمع بمنتجات عالية الجودة لشعوبهم تجعلهم يرتبطون بالدين والعبودية لله وليس لتبعية سياسية وطائفية وحزبية.

في الإثنين 10 فبراير-شباط 2014 10:58:00 ص

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74613