سيبقى الأمر مخيفاً..!
فيصل المجيدي
فيصل المجيدي

تعد المرحلة الانتقالية هي الفترة الأهم في حياة الشعوب والثورات لأنها تحدد المستقبل المأمول أو تعود بالأوضاع إلى أسوء مما كانت.. ولعل لذلك أسباب ومحددات أهمها:

• - وجود قوى لا تريد نهاية مثالية للمرحلة الانتقالية لأن ذلك كفيل بالقضاء عليها ويأتي على رأسها.

• النظام السابق ممثل في الرئيس السابق وعائلته والمستفيدين منه ولا شك أن هؤلاء هم أكثر المتضررين من الثورة باعتبارها قضت على أحلامهم في البقاء على عرش السلطة والاستئثار بالمزايا والثروة والجاه وفقدانهم لكل ذلك يعني عملياً الموت البطيء لكل خططهم لذا سيسعون بكل ما أوتوا من قوة لو قف عجلة التغير أو على الأقل الحد من تقدمها عل ذلك يصيب الثورة بانتكاسة ثم يعودون بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للسلطة.

ولهذا تراهم يفتعلون المشاكل ويوقفون الحوار ويوجهون سهامهم لكل نكاح للثورة أو للحكومة أو للرئيس هادي والأغرب من ذلك أنهم وفي وسائل إعلامهم يتباكون ليل نهار على الوطن ومنجزاتهم ..

بل والأغرب من ذلك أن يظهرون بمظهر المعارض والفضيلة وحب الناس كإبليس عند ما يرتدي ثوب الواعظين ليس لدخول الجنة بل لإبعادنا منها ..

ولا شك أن النظام السابق يعد الأخطر على الثورة كونه لديه الخبرة والدراية والمعرفة بنقاط ضعف الدولة والحكومة كيف لا والمؤسسات الأكبر في البلد لاتزال تحت إبطه كمجلسي النواب والشورى ونصف مؤتمر الحوار ونصف الحكومة..

ولديه الكثير من الموالين في الأمن والجيش ومؤسسة القبيلة وهؤلاء لا شك قوة ضاربة إن لم يتم التصدي لها وكشف خططها فإن الفترة الانتقالية بل الثورة والبلد في خطر عظيم * المليشيات المسلحة وهذه عززت مواقعها أكثر مع انطلاق الثورة الشبابية الشعبية مستغلة الانفلات الأمني وضعف قبضة الدولة مع أنها في الأساس كانت متواجدة مع النظام السابق بل إن البعض يتهمه برعرعتها على عينه سعياً لاستغلالها للبقاء على كرسي السلطة وقد دللوا بسقوط أبين في أيدي القاعدة بعد انسحاب أشكال مؤسسات الدولة كالأمن والحماية منها في العام 2011.

قبل أن تستعيدها القوات المسلحة في وقت الرئيس هادي.. غير أن الأمر الأكثر خطورة هو وجود قوى تتوسع على الأرض بشكل مخيف يهدد كيان الدولة ويعيدها إلى التاريخ الغابر خاصة وأن هذه المليشيات تتمنطق بالعقيدة في حربها على الآخرين كالحوثين وغيرهم وهؤلاء باتوا يرو أنهم قوة على الأرض يجب أن يكون لهم نصيب كبير من كعكة السلطة والثروة, ولعل ما يفسر ذلك انطلاقهم في التهام الأرض في عدة جبهات حوالي صنعاء وفي أرحب وعمران والجوف.. الخ وهو أمر يجب أن يضع له العقلاء اعتباراً قبل أن يصل لمرحلة الاستعصاء ويشابه ما يحصل في لبنان بوجود دولة داخل الدولة..

ثم إن القاعدة والمليشيات المتحالفة معها تشكل خطراً أخر يعيق المرحلة الانتقالية ذلك أن وصولهم العميق لمؤسسات الدولة وفي قلب العاصمة إن صح أنهم فعلوا ذلك بمفردهم دون التنسيق مع قوى أخرى كالنظام السابق فإن تلك الوقائع تشكل كوارث تجعلنا نتساءل عن مدى قوة الاستخبارات العسكرية والأمنية وعدم توقعها هذا الهجوم في قلعتها.. ولعل ذلك يقودنا إلى خطر انقسام الجيش والأمن وتبعيتهم لجهات مختلفة..

ليس بالضرورة أن تكون الحكومة الشرعية كما يحدث في الدول التي تحترم نفسها وضع يهدد الشرعية التي اعترف بها العالم والخارج قبل الداخل -- الأمر الأخر.. ويتمثل في صعوبة الوفاء بمقررات المرحلة الحالية.. ولعل ذلك راجع إلى

 * هشاشة وضعف الدولة مما أدى إلى تفككها وبالتالي انهيار الكثير من سطوتها وانتشار جرائم القتل في صفوف المدنيين والعسكرين.. وفي مقابل هذه الجرائم نرى ضعفاً كبيراً في التحقيق والوصول إلى فاعلي هذه الجرائم فتقيد ضد مجهول وهو ما يفتح المجال واسعاً أمام من قام بها ليكرر المزيد منها.

لشعوره بالأمان من الملاحقة كيف لا ولم تزل ملف جرائم قتل الثوار مفتوحة ولم تغلق حتى اللحظة.. الدستور وهو المعركة الأخطر في هذا المضمار.. ولهذا نجد أنه كلما اقتربنا من هذا الاستحقاق يزيد معدل الجرائم السياسية والاغتيالات لحكماء في هذا البلد.

وكلما اقترب الناس من بحث نصوص الدستور نرى الأشلاء والدماء تتناثر في كل ماء روائح الدماء تغطي الأرض والسماء هي معركة وجود لمن يحارب الدستور..

لأن وجوده يعني بالمقابل انتهاء هؤلاء, سيقدمون التضحيات الجسيمة من أجل إفشاله لديهم استعداد لذهاب البلاد والعباد دون صياغة وإقرار الدستور لهذا أنصح القائمين على هذا الأمر وعلى رأسهم الرئيس هادي ألا يتردد مطلقاً في السير وبخطى حثيثة نحو صياغة وإقرار الدستور ففي الوصول إليه ومن ثم الاستفتاء عليه سنكون قطعناً شوطاً كبيراً لبداية الحديث عن دولة مدنية أم بغير دستور فمعنى ذلك البقاء في الشرعية الثورية أو لنقل شرعية المبادرة الخليجية والتي باتت بالية ولا يمكن أن تستمر ..

ولهذا معركة الدستور هي الأساس والدستور هو المستهدف الرئيس في كل ما يحصل.

* إن وجود القضية الجنوبية له دور جوهري في كل ما يحدث ووجود النزعات الانفصالية يحدث إرباكاً في المشهد خاصة وأن هناك قوى إقليمية تلعب بهذا الملف.. وهو أمر يستدعي من الرئيس والحكومة التركيز على استعادة ثقة الناس في الدولة ومحاولة استرداد زمام المبادرة فبغير ذلك سنظل ندور حول أنفسنا وسيستفيد المخربون والذين في قلوبهم مرض وأخيراً أقول للشباب ولجميع قوى الثورة:

إياكم أن تفرطوا في ثورتكم العظيمة لن يكتب لها التاريخ نجاحاً مالم تكملوا تثبيت دعائهما.

إن أعداء الثورة يستغلون كثيراً من المثالب التي ظهرت في الحكومة وضعف الجانب الأمني وتوسع بعض القوى على الأرض والجانب الاقتصادي هم لا يريدون الوصول للدستور فاحرصوا عليه لتقطعوا دابر كل القوى التي تريد جرنا للماضي البئيس وخلاصة الخلاصة يجب أن تحتكر الدولة القوة والسلاح والقضاء وبغير ذلك سيبقى الأمر مخيفاً.

في الثلاثاء 11 فبراير-شباط 2014 12:36:02 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74628