أرضنا حبلى بالثروة..وخيرها لغيرها
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

كلما تقدمنا خطوة نحوا التحول السلس لبناء الدولة المنشودة وإصلاح اعوجاج الماضي, كلما تواجهنا مصيبة من مصائب العبث لرؤوس الفساد والإفساد في حق هذه الأمة التي لا ذنب لها غير أنها صفقت وهللت يوماً لهذه الرؤوس وهي تجهل هول مصائبهم وعبثهم بالوطن وآلامه ومدى خيانتهم للأمانة التي اؤتمنوا عليها.

 كم شعرت بمرارة القهر وألم النفس وانتفضت روحي من هول الصدمة عندما استمعت لخطاب رؤوس الفساد المتورطين بصفقة الغاز مع شركة توتال الفرنسية وهم يبررون صفقتهم العفنة بأنها كانت ضرورية في وقتها نظراً لضعف السوق مع العلم أن نفس الشركة وفي نفس الزمن وقعت مع إندونيسيا بسعر عالي جداً يفوق 11 دولار للتر الواحد وقولهم أن الوطن ليس بحاجة للمواجهة مع الغرب حتى لا نسبب له مزيداً من الأوجاع هذه العقول التي تستخف بالمواطنة والوطن كما يقول المثل "سارق مبهرر" هم لا يفقهون أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر التي لا علاقة لهم بها وأتوا لسدة الحكم من خارجها قامت لأجل التحرر من الاستعمار وأعوانه من الإمامة والسلاطين ولكن يبدو أن الاستعمار أعاد من خلالهم بما يسمى بالاستعمار المقنع وهو نمط استعماري جديد بحيث تفرض الدول الكبرى هيمنتها على الدول الصغرى اقتصادياً وثقافياً دون تدخل عسكري مباشر للأسف كانوا أدوات هذا الاستعمار بتربعهم على السلطة بعد تعاونهم مع السعودية وفرنسا بقتل الحمدي ثم صاروا شركائه في نهب الثروة بواسطة شركة توتال التي ترفض اليوم تعديل صفقة فساد وقعتها مع النظام السابق وتدعمه في مجلس الأمن كل يوم تتكشف خبايا وفساد هذه الرؤوس وجرائمهم ضد الوطن .

والإنسان الطبيعي هو ذلك الإنسان الذي تعيش فيه كل القيم الإنسانية من ضمير وخوف وخجل وكل هذا يجعله يراجع أعماله ويصحح أخطائه ويعيد رسم سياساته الشخصية والعامة, لكن المتكبر والعنيد بالتمسك بالخطاء ورافض الاعتراف وتصحيح مسار حياته هو إنسان غير طبيعي هذه صفاتهم التي جعلتنا نعاني منهم باليمن اليوم في هذه المرحلة الهامة والمحورية في تصحيح مسار الحياة وبناء الدولة الذي يتطلب شجاعة وقدرة عالية في تقييم المرحلة الماضية وتجاوز أخطائها والانتقال للمرحلة الجديدة لكنهم يرفضون التعاون بل يكابرون في ذلك وهذا يجعلهم يقفون ضد تطور المرحلة وبضرورة هم الأن في مواجهة مع التغيير ولا مجال للقيادة السياسية ودعاة التغيير وإصلاح الاعوجاج الماضي وبناء الدولة غير الدفاع عن الوطن واستعادة سيادته وثروته المنهوبة التي تتمتع بها مافيا الفساد العالمية والمحلية.

 اليمن ومواطنيه يعيشون حياة الفقر والألم والحاجة وهم عرضة للابتزاز والاستغلال لا مجال غير المحاسبة والعقاب وهذا اختيارهم وهم من يدفعون بأنفسهم إلى مصيرهم المحتوم .

الشعب اليمني بكل أطيافه وتوجهاته السياسية والفكرية لا يمكن أن يقبل هذه المبررات ولا يقبل أن يساند قوى الفساد والإفساد وأن يفرط بدماء أبنائه الشرفاء الذين ضحوا بحياتهم منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر مروراً بثورة الشباب الصرخة الكبرى التي هزت أوكارهم وعرت خباياهم وفسادهم  ليعيش الوطن حراً كريما ويتمتع بالسيادة ويكرم مواطنيه بالعزة والشرف والرخاء ويخرجهم من دائرة الذل والهوان والفقر والعوز وهم يعيشون في وطن غني وأرض حبلى بالثروة لكن خيرها لغيرها.

دقت ساعة الصفر لانتزاع جذور الفساد والإفساد من أوساطنا وبتر كل أذرعه الخبيثة.. اليوم اليمن في منعطف تاريخي ومفصلي هام لابد أن تتحرر من كل فاسد محتال وكل متآمر دجال وكل عميل وخائن للوطن وسيادته علينا أن نشكل قوة دافعه شديدة الإصرار والعزم على محاكمة الفساد ورموزه واستعادة حقوقنا وثروتنا من برثن الرأسمالية الفاسدة المحتكرة والناهبة لثروات الشعوب التي صرنا ضحاياها في صفقة الغاز المسال الثروة اليمنية التي باعها النظام السابق ببخس التراب.

في الأربعاء 12 فبراير-شباط 2014 03:37:45 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74642