ومازال اليمنيون يدفعون الثمن؟
سمية الفقيه
سمية الفقيه

وكأننا غير مكتوب علينا أن ننعم بلحظات سكون وطمأنينة أو أن يزورنا حتى فتيل فرحة باهتة,, وكأننا غير مكتوب علينا أن تعيش نفوسنا راضية مرضية في بلد يضمن لنا حق العيش بمواطنة مكفولة.. ولا ندري إلى متى ستظل الأدخنة تغطي وبكثافة كل بارقة ضوء تريد أن تعبر إلينا بسلام دونما حواجز وأخاديد مُظلمة.. ولا ندري فعلاً إلى متى سيظل المواطن اليمني الكادح المعتر والفقير البائس يدفع ثمن أخطاء السياسة الدامية والساسة الأكثر دموية, يدفع ثمن ذلك عذابات من روحه ونفسه ودمه,, يدفع ثمن ذلك موت وتقتيل ودم مسفوك وتشريد وشتات ليغدو في النهاية بقايا مواطن عاش في حياته مهان الكرامة ومات دونما عزاء.

فلماذا يصبح المواطن اليمني كبش فداء لمجون السياسة والساسة المتصارعون على من يطيح بالوطن أكثر؟ لماذا يدفع هو ثمن أخطائهم مزيداً من الموت والدم المسفوك؟ فهمجية الصراع والاحتراب مازال يسلط على أرواحنا العارية أسنته المشتعلة ويحصد الأرواح اليمنية ومازال الدماء اليمنية تُنتهك في شمال اليمن وبصورة بشعة واليمنيون الإخوة يتقاتلون بشراسة متجاهلين أن قطرات الدم هذه حرمها الله وهي خسارة فادحة ولا مهزم فيه إلا الوطن والشعب هذا المسكين الذي ذهب ضحية مستنقع سياسي جره إليه عقليات دموية لا تؤمن بكرامة الإنسان وأحقيته في الآدمية الإنسانية, عقليات احترابية بامتياز تصر أن تسحق آدمية اليمني وتجره كل لحظة إلى مشانق الموت ومقاصل القتل البشعة وتنتهك أيضاً حرمة الدماء اليمنية بنفوس نتنة وشاردة في القبح ..

الحرب الجارية في صعدة وما خلفته وتخلفه من بؤس وتشريد وموت وأضرحة وجثث وقتلى وأشلاء ومقابر جماعية وموت يستقبل اليمنيين البؤساء, بمقابر نحيب لانهاية والدماء المتناثرة على أرض كان أولى بنا أن ننثر عليها سنابل الحصاد ومعاول الزراعة لا معاول الشرور والفتن,, كل هذا الفناء هو صورة دموية لواقع احترابي مرير وبشع يجعل التاريخ الماضي والحاضر أيضاً يضع علامات استفهام حول حكمة اليمنيين ويتساءل أين ذهب تراحمهم وكيف مات الإخاء بينهم من أجل حسابات ضيقة وعداوات مذهبية أجندات مؤدلجة قبيحة أجهضت كل مشروع إنساني ووطني في سبيل غيها وقباحة مشاريعها الماجنة,, كل ذلك أيضاً يشكك من وطنيتنا أمام التاريخ وولاءنا لبلد لا منتصر فيها أبداً بل كلنا في طوفان العداوات هذا خاسرون حتى النخاع..

فقط سؤال واحد نود توجيهه لتجار الحروب هؤلاء ألا يكفيكم أنهار الدماء اليمنية التي أرقتموها حتى اللحظة ومتى ستكتفون يا ترى؟ فعلاً مادامت عقليات الحروب مسيطرة وأصحاب المشاريع التدميرية يطفون على سطح الأحداث السياسية الراهنة فسيظلون يؤججون الشرور و يدفعون بواقعنا المتأزم إلى أشده بتعنت وغلظة لا حدود لهما, ويبدو أننا سنظل طويلاً تحت منحنى اللاإنسانية والولاء للوطن ولا ندري كم سنحتاج من أزمان أخرى كي تنتقل بلدنا لمرحلة النمو الخالي من الجهل والعصبية الأولى ..

سنظل دائماً وأبداً نرتجي واقع يخلو من اكتظاظ المآسي ومن عويل البؤس وأصوات النواح رغم تفاجئنا بواقع أشد مرارة ونحيب وسفك لأحلامنا البسيطة.. وكل الأطراف السياسية تسعى كي تكسب وتستفيد من الوطن بينما لا يريدون أن يفدونه في شيء لا من حيث إحساسهم بالمسؤولية في أعمالهم ونواياهم وتصرفاتهم الهمجية ولا من حيث أنهم تركوه وشأنه بعيداً عن أطماعهم وافتعالهم للتعقيدات والخبائث,, بمعنى لا هم رحموه ولا هم تركوا رحمة الله تشمل البلاد والعباد فعبثوا وأحرقوا وقتلوا ومازالوا يعبثون ويهتكون الدم اليمني, ومازال اليمني البائس بدفع الثمن ولا ندري إلى متى؟

لا نجد لنا عزاء سوى أن نقول: عظيم هو هذا الشعب اليمني الصابر وشامخ وأبي ومتعاظم بكل صبره وكده وأنينه وكده وعظيم بؤسه, وتوقه لأن يرى في حياته يوماً جميلاً لكنه لم يجده إلى الآن.. عظيم أنت أيها اليمني بسمرتك ونحولك وغبنك وهمك ونظرة الذبول التي تحاصر تقاطيعك, وبوجهك المنهك والمغموس في تعاريج الهموم وتدحرجات السنين الغائرات.. لكنك وبكل بد ستنجو,, وبإذن الله سننجو .

في الجمعة 14 فبراير-شباط 2014 12:42:36 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74665