تعليم المعلم!
جواهر الظاهري
جواهر الظاهري

لو كان على تعليم القراءة والكتابة, كل واحد يستطيع أن يعلم ابنه في بيته ولو كان على الشهادة بسيطة عنه ما أخذها يشتغل في أرضه وإلا يتعلم له صنعة تنفعه أحسن من أصحاب الشهادات لا حصلوا لا علم ولا أدب ولا حتى وظيفة.
كلمات ليست كالكلمات من امرأة بسيطة لا تجيد القراءة والكتابة ولكنها تجيد فهم الأمور بشكل أفضل بكثير ممن تخرج من الجامعة حد قولها.
في كل مرافق الدولة حين تنتقد التقصير أو سوى الخدمة يردوا عليك بتلك الجملة المطاطة التي سئمنا سماعها "قلة إمكانيات " لا ندري متى سيصبح عندنا إمكانية لتغيير فقط نوع الحجج التي نغطي بها عجزنا ونداري بها فشلنا.
في المدارس لا أعتقد أن الأمر يحتاج لإمكانيات عظيمة وباهظة حتى نستطيع أن نربي إنسان على الأخلاق الفاضلة.
لا نحتاج لأكثر من مدرس لديه قليل من الخبرة وكثير من النية الحسنه والأخلاق العالية كي يصنع جيل محترم فاضل متسلح بالأخلاق ثم العلم وأياً تكن بساطة المدرسة أو قلة الإمكانيات وتواضعها, فإن معلم بإرادة وعزيمة يستطيع أن يصنع المعجزات وأن يحول مفهوم المدرسة من ثكنة عسكرية يتهرب الكل من البقاء فيها إلى مفهومها الحقيقي مفهوم الاكتشاف الممتع وتنمية الطاقات والقدرات, مفهوم التأسيس لجيل واعي قادر على بناء غد أكثر جمالاً وبهاءً وحضارة.
نحتاج معلم قادر على بناء قواعد وأسس سليمة لعلاقة المعلم بتلاميذه حينها يستطيع أن يحول الدروس الباهتة الجافة إلى ساحات للحوار والبحث الشيق والمثمر لأن المعلم ليس مجرد مصدر للمعلومات وليس غولاً يمسك بيده العصا ويلقي الأوامر وليس موظفاً عادياً ولكنه قدوة ومربي وصانع مستقبل أمة.
 لذا عليه أن يكون قريباً من الطالب كصديق حميم يتفهم احتياجاته ويوصل له المعلومة بشكل مبسط وممتع ليس من العيب أن يمزح المدرس مع تلميذه ولا ينقص من قيمته إن كان صديقاً له ولا يهز هيبته أن ينزل إلى مستوى الطالب ويخاطب حدود عقله بل على العكس أن معلم يتفهم نفسية الطالب ويعامله كإنسان محترم له كيان وتفكير خاص به وطموح يسعى لتحقيقه لهو معلم يستطيع أن يسكن قلوب التلاميذ ويخرج ما بداخلهم من مهارات وقدرات عالية.
حصص الأنشطة والرسم والرياضة يجب أن تتحول إلى ساحات لاكتساب المهارات والمعارف والارتقاء نفسياً وبدنياً وحركياً وتطوير الحواس الخمس تطويراً صحيحاً وتنمية الذوق الأدبي والجمالي والحسي بشكل سليم بدلاً من أن نترك أبناءنا عرضة لفضاءات مفتوحة يستقبلون منها كل غث دون علم أو وعي بما هو حلال أو حرام أو بما ينفع أو يضر، ودون شك أن الأنشطة المدرسية إذا ما تم استغلالها بشكل صحيح وبذكاء المعلم والإدارة وأياً كانت الإمكانيات المتاحة بسيطة ومتواضعة فهي لها دور فعال في جعل الطالب يحب مدرسته أكثر من بيته ويستغني بها عن اللهو واللعب في الشارع.
فيا أيها المعلم: إن أبناء هذا البلد أمانة في عنقك لا تتحجج بشحة الإمكانيات أو بقلة الراتب فقط اصنع ما بوسعك وقدم كل ما لديك من خلق وعلم وتأكد أنك ستحصد ثمرة ذلك فخراً وعزاً ومكانة عالية في ضمير المجتمع ككل فكم من معلم حين يذكر تنشرح مسامع طلابه بسيرته العطرة وآخر ذكره يستدعي الاستعاذة كأنه إبليس ولا حول ولا قوة إلا بالله .
 

في الثلاثاء 25 فبراير-شباط 2014 12:45:57 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=74790