الكراهية لا تبني وطناً!!
محمد علي محسن
محمد علي محسن

الكراهية نقيض المحبة.. الكراهية كابوس فتاك، بذرة شر لا مكان لها في المجتمع القوي المتسامح المتعايش, الحالم بحياة كريمة وعادلة.
 لا توجد أوطان ضعيفة هشة, ممزقة, متخلفة وإنما هنالك مجتمعات متناحرة ضعيفة, مفككة خائرة.. وطننا واحد من أوطان كثُر لا يعوزها أكثر من إشاعة المحبة والتسامح والسلام والعدل والتنمية والبناء والتعايش.
من يشحنك اليوم أو غداً على بغض الآخر ولمجرد أنه ليس من منطقتك أو طائفتك أو قبيلتك أو حزبك؟ أيقن تماماً أنه أول الناكثين بك، فمثل هذا الصنف يمكنه الانقلاب عليك ولأتفه الأسباب.
الذين يشحنون أتباعهم وأنصارهم على أساس جهوي, قبلي, مناطقي, مذهبي ربما أفلحوا في حشد الآلاف والملايين إلى الساحات؛ لكنهم أبدا لن يعثروا على شعب واحد مستقر خال من الضغائن والانقسامات المفتتة لنسيجة.
في النهاية, الكراهية لا تبنى شعباً سليماً ومعافى، كما وليس بمقدورها تحقيق غاية وطنية أو قومية أو دينية ما بقيت أدواتها خاطئة وزائغة عن جادة الحق والصواب, فوطن يشيد على فكرة الكراهية أعده وطناً أشبه بمقبرة كبيرة مفتوحة لجثامين الموتى.
يا وطنا مازالت طليعته السياسية عاجزة عن استيعاب أنه لا مواطنة متساوية من دون وجود وطن كبير خفقة حياة وحلم وتفاؤل وأمان! يا شعبا لا يبدو أنه سيصير شعباً ولمجرد أمنية نبيلة قرأها أو سمعها! ألا يكفينا قرون من العيش خارج سياق الوطن الواحد والمجتمع الواحد؟
ألا يكفينا ما أضعناه من الوقت والفعل سعياً وراء انتماءات ضيقة أنانية؟ وسعياً خلف أوهام مرضية واصطفافات فئوية وعصبية وجغرافية ومذهبية أثبتت التجربة أنها جميعا أقل وأدنى من أن تؤسس لوطن قوي ومستقر وجامع لكل أبنائه.
وآنت أيها المواطن البائس: ألا تود أن تكون مواطناً كريماً وعزيزاً وحراً؟ ألم يحن الوقت كي تتخلى عن ذاتك الأنانية وكي تتحرر عن صمتك وخوفك وأفقك الضيق؟ ألا تستحق حياة أفضل جديرة لأن تعيشها بسلام ووئام ومحبة؟ إذ لم يراودك شعور مثل هذا؛ فأنت لا محال إنسان بلا قيمة وبلا فائدة وبلا أمل في الحياة.
فمثل هذه الثقافة المحرضة على كره الآخر وقتل الآخر ونفي الآخر ربما أفلحت في حشد الجماهير وفي شحنها لبعض الوقت، لكنها في المحصلة وسيلة كارثية أشبه بلظى النار التي لن تذر شيئاً إلا وحرقته فإن لم تجد ما تلتهمه أكلت نفسها.
نعم سهل جداً أن تستثير في الناس حمية العصبية وفي أن تحشدهم وتسوقهم إلى الموت تحت خدر كراهية الآخر كان طائفة أو مذهبا أو منطقة أو جهة؛ لكنك بالمقابل ستجد صعوبة بالغة كي تحشد وتقود هؤلاء بقناعة العقلانية المحبة للحياة، المستلهمة للفكرة، الملتزمة للتنظيم أو الجمعية أو القيادة، المحتشدة والثائرة من أجل غاية عادلة تتعدى مضارب العشيرة والقرية كما وتتجاوز مساحة المذهب والمكان.


في الثلاثاء 25 مارس - آذار 2014 06:27:51 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=75072