حملة تجارية عسكرية عبثية خاسرة حتماً
فاروق الشعراني
فاروق الشعراني

هذه الحملة الكبيرة كما وصفتها بعض وسائل الإعلام ، التي دشنها الجيش اليوم 27ابريل 2014م لمطاردة مسلحين من القاعدة في أبين وشبوة ،وسبقتها هجمات مكثفة لطائرات بدون طيار وقتلت"56" تقريباً يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة ، جزء من وعود وزير الدفاع التي قطعها مع الأمريكان ،ومن حصاد زيارته لواشنطن قبل اسبوعين ودليل بارز على دسومة الصفقة التي عُقدت بين الطرفين ،وتصريح معالي الوزير بثقة واعتزاز من قُبة البنتاجون بتوسيع نطاق هجمات الدورنز لتشمل صنعاء وعدن من مقبلات تلك الصفقة بدايةً نرفض العنف والتطرف والإرهاب بكل أنواعه والتفريط بالسيادة ،والاعتداء على المصالح العامة ومؤسسات الدولة ،وقتل الأبرياء و المدنيين والجنود والمساس بالمؤسسة العسكرية , فهي عمود الوطن وأساس الدولة القوية ، ويتفق الجميع ان الارهاب والعنف قاتل التنمية والتغيير والتقدم لأي بلد ، كما نرفض رفضاً قاطعاً "عسكرة" العلاقة اليمنية الخارجية مقابل مساعدات وهمية مزيفة ، وإقحام الجيش في صرعات عبثية خصوصاً في الوقت الراهن ، فهي حروب تلبي رغبات خارجية وتخدم قيادات أمنية عليا ويحصد ثمارها تجار الحروب ،وتغذي العنف والتطرف والإرهاب ، ويدفع ثمنها الباهض الشعب والوطن والجندي والمواطن المنكوب.

هذه الحملة العسكرية العملاقة التي تُصرف عليها مليارات ،خاسرة دون شك ،لست مُحللاً سياسيا أو خبيراً عسكريا, لكن هذا ما يقوله وضع وطني ،ومن وجهة نظري ومتابعتي عن كثب لملف ما يسمى الحرب على الإهاب تحديداً هجمات الدورنز ، ومرافقتي لفريق منظمة الكرامة الدولية لحقوق الانسان مكتب صنعاء في الزيارات الميدانية لعشرات الأسر ضحايا الطائرات بدون طيار في عدة محافظات يمنية والاستماع لشهاداتهم وتقصّي حقائق تلك الغارات ، أضف الى ذلك تاريخ المؤسسة العسكرية ونضالها وتضحياتها وحضورها في أغلب الازمات والصرعات والمِحن التي مرت بها اليمن ،ستجدها انها من يدفع الثمن الباهض دوماً، ستخسر هذه الحملة العسكرية للجيش المدعوم بطائرات الدورنز الامريكية وبعض الأجهزة الأمنية والاستخباراتية ويرافقها حملة إعلامية شرسة وتصريحات هادي وبن عمر النارية ووزير دفاعه , لماذا عبثية خاسرة ؟ لعدة أسباب

1_حملة غير وطنية تلبي رغبة امريكية وهدفها تقليص الخطر المزعوم عليها وحماية مصالحها ، ولا علاقة لها بالأمن والاستقرار والانفلات الأمني الذي يعانيه الوطن والمواطن.

2_ توقيت غير مناسب لتدشين الحملة ، فقد انطلقت الحملة واليمن في أزمة حادة وغارقاً بالظلام الدامس نتيجة غياب الكهرباء لساعات طويلة ،وانعدام شبه تام للمشتقات النفطية ، واستمرار مسلسل الاغتيالات في قلب العاصمة بشكل يومي ، أزمة تذكّرنا بالأزمة المفتعلة من قِبل النظام السابق عام 2011م بداية الثورة الشبابية الشعبية السلمية.

3_ التاريخ العسكري والحروب الماضية والحديثة في كل أرجاء العالم ، أثبت أن الجيش لا ينتصر في حرب العصابات إطلاقاً مهما كانت إمكانيته وقوته ، أنظروا الى سوريا هل تمكّن جيش الاسد المدعوم من إيران ومن الحرس الثوري وعناصر من حزب الله وميليشيات عراقية, فهي خير دليل على أن حرب العصابات متاهات لانهاية لها ، الحرب الذي خاضه الجيش في 2011 و2012و2013م في أبين والبيضاء وحضرموت ورداع وقبل ذلك حروب صعدة وغيرها .

_ خيانة الجنود في أغلب المعارك من بعض الضباط أو خذلهم في الدعم والعتاد وتقديمهم فريسه سهله للعدو، بينما تجار الحروب ولصوص الوطن في حصون مشيدة في نعيمه، وحين يتم أسرهم تتجاهلهم الدولة ويتسكع ذويهم هنا وهناك ومناشدات المنظمات تعلو في السماء لإطلاق سراحهم الجنود الاسرى ولا من يجيب ، بالإضافة الى غياب رئيس الجمهورية في اغلب القضايا الوطنية الهامة ،ولعب دور المتفرج في معظمها او المحايد والاكتفاء بإرسال وساطات وتحويل الجيش الى وقوات يونفل  لحماية الوساطة، كما حدث في دماج وأرحب وحاشد وهمدان ، وظهوره بتصريحات نارية فقط عندما يتعلق الأمر بالرغبة الأمريكية السعودية ،واختفاء دور الجيش اليمني تجاه العابثين بمصالح الشعب المعتدين على الخدمات العامة كالكهرباء والنفط والتقاطعات والاختطافات والاغتيالات ، سوف تخرج هذه الحملة بنتائج عديدة منها:

_ _تجميدعجلة التغيير والتنصل من أهداف الثورة الشبابية الشعبية وطموحات الشارع اليمني ، والهروب من الفشل المتكرر والأزمة المشتعلة وإهمال مخرجات الحوار.

_ فتح جبهة جديدة نحن في غنى عنها ،وتدمير الجيش وإضعاف المؤسسة العسكرية لتهيئة الاجواء للجماعات المسلحة ، وتعزيز قوة الحوثي في شمال البلاد والحراك المسلح في جنوبها.

_ رفع مستوى المعاناة واتساع رقعة المأساة في أرجاء الوطن ، وزيادة عدد الشهداء من الجيش والمواطنين وتدمير عدد كبير من المنازل والمباني الحكومية .

_ تكريس الظلم والطغيان وتأكيد التبعية والخذلان وتغذية الحقد والعنف والإرهاب .

أخيراً: لا للإرهاب نعم للأمن والاستقرار ، لا للكذب والضحك على الذقون والتضليل للشعب وإهلاك الجيش ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

في الخميس 01 مايو 2014 07:49:35 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=75510