آه يا زمن.. جعلتنا ضحايا الارستقراطية
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان

آه يا زمن تحملناك وتحملنا مآسيك وقلنا الحياة "يوم مر ويوم حلو" ذقنا المرارة ونحن ننتظر الحلو إلى متى يمتد عذابنا’ هل فعلاً لن يرتاح البسطاء من أمثالنا سوى في قبورهم هذا إذا تركوا لنا قبوراً نرقد فيها؟, كلهم يدعون أنصار قضايانا وهم في رغد العيش بل يستخدمون مآسينا مناكفات سياسية وإعلامهم يدّعي الحرية وهم يعيشون حياة ارستقراطية ونحن نفتقد الكهرباء وهم في قصورهم مولدات وبيوتهم شاحن, والماء نسهر الليل ننتظره ليزورنا ونأخذ منه ما استطعنا وهم آبارهم في البهو’ أولادنا يتضورون جوعاً وهم ولائمهم تُشبع مُدناً بكاملها والبقايا تُرمى في المزابل أولادناً محرومون من التعليم وهم أولادهم "بشخطة" قلم يُبعثون للخارج ليتعلموا.. نحن وأسرنا نموت في المستشفيات وهم علاجهم في أكبر مستشفيات العالم.. إذاً ما داموا يعيشون في نعمة فما همهم أن نعيش أو لا نعيش هم يتسلّون بنا, يناكفون بعضهم بعضاً ويصارعون بعضهم بعضاً ونحن أدواتهم وضحاياهم’ ما همهم ما داموا لا يخسرون شيئاً, فالأموال نهبوها منا وصراعاتهم نحن وقودها ومناكفاتهم منا اشتروها أي أنهم غير خاسرين بل على طول الخط مستفيدين.

فلماذا إذاً نستمر نحن خدما لهم لماذا نتصارع وهم المستفيدون؟ لماذا لا نصطف مع قضايانا ومصالحنا ضدهم؟ لماذا لا نتحرر منهم, فبدوننا لا يساوون شيئاً؟ وإذا تحالفنا فهم أمامنا لا شيء.. متى نفهم ونتعظ ونرميهم من فوق أكتافنا إلى مصيرهم المحتوم يتنفسون حياة من صراعاتنا, لهذا يغذونها, لو ماتت لماتوا فهي أذا مصيبتنا لا مصيبتهم أم هناك من يحلو له فتاتهم ليستخدموه ضد رفاقه.

ما أجمل الشعور بالفخر والاعتزاز بأبطال قواتنا المسلحة البواسل ومن معهم من الجماهير وهي تطرد الإرهاب الذي يدمر الوطن وينخر في جسده العليل ويحزُّ في النفس أن تجد جزءاً من هذه القوات المفترض أن تكون حُماة الوطن والمواطن تحرس المجرمين والقتلة ليعيشوا رغد الحياة آمنين مستقرين من خوف هذا الشعب الغلبان الضعيف المنهار المظلوم, والله عارٌ على هؤلاء الجنود أن يتركوا الوطن يتعذّب ويعاني وهم مشغولون في خدمة زعماء الظلم والاستبداد والدجل والنهب والاستحواذ.. فكّروا وتمعّنوا جيداً أين موقعكم من الكفاح الوطني؟.

عندما نشاهد ما يدور على الساحة من صراع نحن قُطباه وهم من يشحنوه, هناك من يأخذ الحبة ويحولها إلى قُبّة بأسلوب يعبر عن البحث عن الأخطاء والثغرات ليبرهن الفشل دون أن يساعد أو يدفع للأمام أو يقدم البدائل المناسبة بل انتقام رحّلونا فليرحلوا والوطن حقنا "مش حقهم"..

كلام معناه أننا في صراع إلى أبد الآبدين.. الشخص المدني والمحب للوطن والغيور عليه يحارب الفساد والمفسدين بأسلوب مدني بعيدا عن الأحقاد والضغائن يكون همه الوطن ومصالحة, فلا يخلق زوبعة وصراعاً بحجة الوطنية وهو يشعل فتيل حرب مدمرة للوطن.

إذا كان لديك ما يثبت تورط فلان من الناس في قضية فساد أرسل بلاغاً معلنا لهيئة الفساد مع الوثائق التي بدورها ستقوم بالتحقيق والقضاء هو الفصل والحاكم لا تحكم أنت ولا تثير ضجة لتقول ها أنا كشفت الفساد وتحكم مسبقاً على كيان سياسي من سلوك أحد أعضائه أو على الحكومة بالكامل من سلوك بعض أعضائها.

تصرُّفك يعكس هدفك إذا كنت وطنياً تحارب الفساد فاتّجه نحو القضاء, لكن ان كنت تريد جلبةً وضجيجاً وصراعاً وفوضى وسقوطاً للدولة واتهاماً مُسبقاً لطرف لخدمة طرف فارقص وغنّ وازعق وهلّل وكبّر لتُشبع رغباتك وتعلن لأسيادك أنك أديت المهمة ليصفق لك الناس ويعرفوا أنك وطني تخلق وتؤجج بين القوى السياسية بهدف إقصاء طرف من العملية وهو المستحيل بعينه.

تباً لكم جميعاً الوطن لا يحتمل مهازلكم, اتركونا نعيش في وطن خالٍ من صراعاتكم لا يمكن أن يُقصي بعضنا بعضاً او يُرحّل بعضنا بعضاً ليعيش طرف ويموت الآخر, فلنعش ونتعايش بأدب وأخلاق ومساواة وعدل دون أن نتهم بعضاً أو نكفّر بعضاً؟ هل نحن قادرون على التقارب والتوافق  لنحافظ على ألاّ ينجرّ الوطن نحو المجهول؟ حكّموا عقولكم وضمائركم, الوطن غالٍ وعزيز..

في الأربعاء 14 مايو 2014 05:32:23 م

تجد هذا المقال في صحيفة أخبار اليوم
https://akhbaralyom.net
رابط الصفحة
https://akhbaralyom.net/articles.php?id=75664